تحت رعاية رئيس الوزراء الأسبق رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز، أشهرت الكاتبة الدكتورة ثروت سليمان المشاقبة، الاربعاء، كتاب فوزي الملقي وحياته ونشاطاته السياسي في الاردن 1909 – 1962.
ويتحدث الكتاب المؤلف من أربعة فصول، عن نسب الملقي الأب الذي يعود جذوره للعائلة الحموية التي سكنت حي الميدان في دمشق، وسيرته العملية ودراسته في مدرسة إربد عام 1916 لغاية المرحلة الثانوية، وصولاً لحصوله على بعثة دراسية إلى الجامعة الأمريكية في بيروت تقديراً لأظهاره شغفاً شديداً بالعلم، وصفاته الشخصية التي كان لاسرته دوراً كبيراً بها بعد ان تربى في أسرة متحابة وجد فيها ام عاطفة وحنان الجد الذي عوضه عن وفاة والده وعطف الاخ الذي ضحى من أجل الأسرة، وصولاً إلى نهجه السياسي التي كانت بدايتها باختياره من قبل الأمير عبدالله بن الحسين قنصلاً في مصر ووزيراً للمواصلات والخارجية في حكومة توفيق أبو الهدى وتسلمه وزارة الدفاع بعد سقوط اللد والرملة بيد الكيان الصهيوني وصولا لتشكيل الحكومة في 11 نيسان 1950″.
وتحدثت الباحثة المشاقبة في الفصل الثاني عن الاوضاع السياسية في الأردن قبل تشكيل وزارة فوزي الملقي، التي كان يتصدرها رئيس الوزراء توفيق ابو الهدى، وتشكيل الحكومة عندما تسلم الملك حسين بن طلال سلطاته الدستورية ومناقشة البيان الوزاري الذي حدد من خلاله سياسته الداخلية والخارجية، بالإضافة للمعارضة السياسية التي رافقت تشكيله الحكومة من خلال توفيق أبو الهدى الذي حاول إقناع الملك حسين بتسليم سعيد المفتي رئاسة الوزراء ليضمن ولاءه له لكن جميع محاولته فشلت، لغاية تقديم الاستقالة في آيار 1945 والتساؤلات التي رافقتها على المستوى الداخلي والخارجي خصوصاً أن أسباب الاستقالة على المستوى الرسمي لم تعلن، ونتيجة لذلك اخذت الصحف العربية تبين ان وراء الاستقالة أسباب خارجية وضغوط بريطانية، وصولاً إلى السنوات الاخيرة في العمل السياسي حتى وفاته وصدور الامر الملكي بدفنه في القصور الملكية الا ان اهالي محافظة اربد طالبوا أن يدفن في مسقط رأسه بالقرب من ضريح مصطفى وهبي التل.
وتطرقت الباحثة في الفصل الثالث للنهج الديموقراطي الذي اعلن عنه فوزي الملقي في بيانه الوزاري، بالالتزام في مجال الحريات ومراعاة الاوضاع الاقتصادية باللجوء إلى التعرف على أسباب المشكلة والعمل على ايجاد الحلول المناسبة لها والتي حددها وعمل على حلها، لوصول الحكومة وقتئذ للاعتداءات الاسرائيلية بعد توقيع اتفاقية رودس عام 1949 مع الدول العربية المجاورة لفلسطين، والمجازر التي ارتكبتها قوات الاحتلال بحق المدنيين العزل.
واشارت المشاقبة في الكتاب خلال الفصل الرابع والأخير، إلى فوزي الملقي والعلاقات الاردنية العربية مع العراق وسوريا والسعودية بالإضافة إلى الأردن والقضية الفلسطينية، خاصة وانه اعلن خلال بيانه الوزاري أن سياسة حكومته القومية تقوم على أسس المساهمة الفعالة في دعم النضال الشعوب العربية من اجل حريتها، وتوثيق علاقات الأخوة بين جميع الدول العربية وسعي الحكومة لتحقيق وحدة اقتصادية مع الدول العربية، والغاء القيود والحوافز لزيادة الروابط السياسية والاقتصادية والثقافية وحرية التنقل والعمل بين جميع الأقطار العربية، وفتح باب المفاوضات بين الدول العربية عن طريق إرسال البعثات الأردنية للعمل على تحقيق تلك السياسة والتأكيد على دور الجامعة العربية كوحدة قومية والتعاون معها في تحقيق سياستها العربية.
من جهته قال رئيس مجلس إدارة صحيفة الدستور محمد داودية، سيتضح لقارئ الكتاب، إن الدكتورة ثروت سليمان المشاقبة، بذلت جهدا استقصائيا تنويريا بارزا، ساهم بلا شك في انضاجه، المشرفُ على رسالتها، الدكتور محمد العناقرة جزاك الله خيرا.
وأضاف “إن هذا الإشتباك الإيجابي مع تاريخنا، واجبٌ وفعلٌ وطني ضروري، لتتعرف الأجيالُ الجديدة على تاريخنا، الذي أَصْدقُ إن أنا وصفتَه بأنه “تاريخُ التحديات الكبرى والاستجابات الابداعية”.
وأكد ” أتاح لي دولةُ الدكتور هاني، فرصةً ثمينة للغاية، حينما أهداني هذا الكتاب، الذي يوفر معلوماتٍ مهمة عن تاريخ بلادنا، اطلعت على بعضها لأول مرة، وأرى أن واجبي يدعوني إلى أن أنصح المهتمين بتاريخ بلادنا المجيد، بقراءته، فقد سلطت فيه الدكتورة ثروت، الضوء على شخصية الراحل فوزي الملقي، الألمعي، الذي حصل على منحة دراسية إلى الجامعة الامريكية في بيروت، بالتفوق”.
وبين “عرّفتنا الكاتبةُ، بلا أدنى مبالغة، على شخصية عصامية، متزنة، لبقة، طموحة، ديمقراطية وإصلاحية، وكما تميّز بالبلاغة والخطابة، فقد تميّز بانحيازه إلى التعامل مع الشخصيات القوية، وفوزي الملقي، هو اول رئيس وزراء يولد في الأردن، وكان سبقهما 27 رئيس وزراء من أبناء العروبة الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين والحجازيين”.
وأوضح ” كما أن أبا هاني، لازم (الأمير) الحسين بن طلال في بريطانيا، وكان أول رئيس وزراء في عهده العظيم، وسأنحاز بقوة إلى فوزي الملقي، وإلى جيله العظيم، والجيل اللاحق، الذي بنى الأردن، لأنهم كانوا أهل قيم ومناقب شخصية وطنية وقومية وانسانية، ولأنهم استمدوا معظم مناقبهم من عملهم في أسمى مهن الأرض: التعليم. فقد عمل أبو هاني معلما في الكرك والسلط وعمّان، وشاركه التدريس، سليمان النابلسي، وحسني فريز، وفضل الدلقموني، وخليل الساكت، ومحمود أبو غنيمة”.
وتابع ” وأدت ايجابية الملقي إلى المشاركة في تأسيس حزب اللجنة التنفيذية للمؤتمر الأردني عام 1944 مع محمد علي العجلوني، وشفيق رشيدات، ووحيد العوران، ووصفي ميرزا، وعبد الرحمن خليفة، وسليم البخيت، وكمال الجيوسي وعبد الرحيم الواكد”.
وقال ” شكّل أبو هاني، حكومةً من أحد عشر وزيرا، أداروا البلاد بكفاءة، في أحلك الظروف المحلية والإقليمية والدولية، ظروف الحرب الباردة، والأحلاف، وحكم ملك جديد، هو الملك الحسين، والمؤامرات العربية المتلاحقة، وتحديات الإحتلال الإسرائيلي، والعجز عن تحقيق تطلعات أبناء الأمة في الوحدة والحرية والتقدم”.
وأردف ” وشكّل فوزي الملقي حكومة ضمت عشرة من رجالات الضفتين: سعيد المفتي، شفيق رشيدات، بهجت التلهوني، مصطفى خليفة، حكمت المصري، حسين فخري الخالدي، سليمان السكر، أحمد طوقان، أنسطاس حنانيا، وأنور الخطيب”.
وشدد،” ويلفت النظر في الكتاب، أن رؤساء الوزارات في تلك الحقبة، كانوا يقبلون العمل وزراء وسفراء، في حكومات يشكلها وزراء كانوا في حكوماتهم، فعمل الرئيس الملقي، بعد استقالة حكومته، نائبا لرئيس الوزراء ووزير دفاع، ووزير خارجية، ووزير تربية وتعليم، ووزير اشغال عامة، ومندوبا للأردن في الأمم المتحدة، وسفيرا في مصر، كما عمل اصحاب الدولة: سليمان النابلسي، وسمير الرفاعي، وسعيد المفتي، وحسين الخالدي، وزراء وسفراء”.
وأشار داودية إلى أن الكتاب يلفت النظر، وقوع اشكالات عديدة منها، إعلان حكومة سليمان النابلسي إقامة علاقات دبلوماسية مع الاتحاد السوفياتي، دون عِلم الملك !!
بدوره شكر رئيس الوزراء الاسبق هاني الملقي، الدكتور منذر حدادين ونقيب المحامين مازن ارشيدات ومحي الدين المصري ومحمد داودية، على مداخلاتهم القيمة والتي قدمت للنقاش اثراء كبير.