بلكي الإخباري
كتب الاستاذ الدكتور اخليف الطراونة رئيس الجامعة الأردنية الأسبق .
إن قلت إن على رجال الأمة البكاء اليوم قبل نسائها، على قدر صنعناه لأنفسنا وبلادنا بضعفنا وتفرقنا وشتات حالنا؛ فهذا واقع حالنا المرير الذي لم نعد نمتلك غيره في هذا الزمن العربي والإسلامي الردئ؛ زمن غاب فيه الضمير الإنساني عن نصرة المظلوم وردع المعتدي؛ زمن يُتوج فيه القاتل، ويحرم فيه الشهيد المظلوم من مراسم دفنه ويحجز في ثلاجة الموتى حتى “يتكرم” القاتل بدفنه.
القدس بلد السلام التي غابت شمس العروبة والإسلام عن درتها ” المسجد الأقصى” وعن كنائسها ” القيامة” وعن بواباتها وأزقتها التي في كل أثر فيها معنى الخلود الذي يأبى الزوال؛ غابت شمس العرب والمسلمين عنها منذ أن دنسها عُتاة الإجرام والنازيين الجدد والعنصريين الظلمة؛ فعاثوا فيها : فسادا؛ وخرابا؛ ودمارا؛ وزيفا؛ وتضليلا. مدفوعين بِخُرافات وأوهام وادعاءات باطلة لا يقرها عرف ولا تاريخ ولا دين ولا شريعة ولا قانون إنساني.
قبلة المسلمين الأولى وثالث الحرمين وقيامة عيسى ، وأقرب مكان للسماء ؛ تُسمعنا أنينها، وتنادي على أبنائها: ” أما آن لكم أن تنصروني، وتمسحوا حَر دمعي، وتطفئوا نار عذاباتي”.
تتوالى حلقات ضياعها، بِخطبٍ جلل ؛ بإعلان متوقع من رئيس الولايات المتحدة بنقل السفارة الأميركية الى القدس المحتلة ، وإعلانها عاصمة لهؤلاء المغتصبين؛ اعتقادا منه أن بيانه المهووس هذا، يمنح الشرعية لهم باغتصاب القدس. وما عَلم أن انحيازه السافر هذا للمحتل الغاشم ، يؤجج مشاعر الغضب لدى المسلمين كافة حول العالم ؛ فالقدس مهوى أفئدتهم: عشقا؛ واقتداء؛ وتضحية ؟.
أما عَلم إن هذا وقود يُشعل غضبهم ، ويولد مشاعر الغبن والإحباط، ويمس باستقرار المنطقة المشتعلة اصلا بالحروب والتعصب والتطرف.
إننا نرى- كعرب ومسلمين- أن نقل هذه السفارة وإصدار مثل هذا الإعلان ، هو انتهاك واضح ، واستخفاف مهين بمشاعرنا؛ يستدعي منا استمرار تحمل مسؤولياتنا التاريخية؛ والوطنية؛ والقومية تجاه القدس وأهلها، والوقوف بوجه هذا القرار، ودعم حراك أشقائنا الفلسطينيين والمقدسيين على هدي من رؤية الهاشميين ونهجهم السامي في الذود عنها؛ لتبقى قضيتها حية أمام مخططات تهويدها.
حمى الله القدس وأهلها المظلومين المرابطين، وحمى الله الأردن – نصير القدس- في ظل حضرة صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني حفظه الله ورعاه.