إن إستمرار إرتفاع سعر الفائدة على غرار قرارات رفع سعر الفائدة بالبنك المركزي الفدرالي في أمريكا، اي انعدام استقرار سعر ( الجودايبر) وربط عقود المقترضين بأسعار الفوائد القادمة، وعدم استقرارها للسابقين ، والإسراف في دعايات منح سعر الفائدة أو المرابحة التفضيلية لسنة الأولى فقط وارتفاعها خلال سنوات القرض ، تجنبا لما يسمى (الدولرة ) في إطار ما يسمى بحماية الإقتصاد الأردني! ، في ظل إنعدام النسبة والتناسب بين مقارنات نسبة التضخم الحاصلة في الولايات المتحدة التي وصلت إلى 8.8% ونسبة تضخم المملكة بواقع 2.5 % تقريبا لا يمكن أن توصف بالعادلة، ولا يمكن أن تمنح الميزان التجاري فرصة لتنفس، لاسيما ان إتباع السياسات التضيقية التي أستمرت لعقود ولاتزال مستمرة في قناعة غريبة رغم كل المؤشرات الخطرة الحاصلة والتي حصلت، فبدل السياسات التوسعية والتي من شأنها رفع مستويات الوقاية في الدراسات الإئتمانية في البنوك والتي تستخدم نظامين لا يمكن للحالة الأردنية أن تشابه الأوروبية والأمريكية وهما( Secret, Crif ) والتي لم يتم وضع لهما حتى اللحظة اي أسس تعاملية فمجرد إخلال المقترض بجزء من القسط فقط لبضعة أيام تصل العشرة أيام فأكثر يصنف على قائمة (Crif) بعميل خطر من درجة دنيا ويرتفع كلما زادت ايام التاخير او تكرارها! حتى لو عنى تغير وظيفي، او ارتفاع فائدة فسحب العميل الجزء المتوقع بقائه من الراتب قبل الخصم ….الخ وبالتالي يدرج على القائمة السوداء ويمنع من المنح حتى لو كانت لمرة واحدة او مرتين طوال فترة التمويل!!، حتى ان طلب الحصول على قرض في بنك X يظهر لبنك Y ويعتبر في بعض البنوك دليلا ٧لى خطورة العميل! وزيادة لاحتمالية رفض معاملة الإقتراض !!
كما أن استعلام شاشة (Secret) ببضعة فواتير مستحقة لزين أو اورانج على سبيل المثال تدرج في الصحف تحت بند (تبليغ وتبلغ) تمنع العميل ايضا من المنح والاقتراض والذي بات معلومات ان اسباب اقتراض الأردني يعود لثقافة عامة يطلق عليها (رأس بطاقية) فكيف لاختفاء الطاقية أن تحمي راس المواطن الأردني من الضربات؟ في معدل رواتب شبه ثابته وتزيد بمستويات تصل ل١٠% في متوسط علامات KPIS للموظفين الجيدين او محققين الهدف!، وهي زيادة (ان حصلت) معرضة للخصومات (الضمان والتأمين…) في ظل ارتفاع اسعار مستمر وتلبية احتياجات حياة تزداد صعوبة .
أي أنه لابد لهذه التضيقات أن تساهم في خلق سوق سوداء بمعنى (التعامل مع المرابين) كأشخاص فردين يمولون الأفراد بمبالغ مقابل فوائد أو مرابحات لا حسيب ولا رقيب عليها، فليس من المتوقع أن ترتفع نسبة إقراض المؤسسات Micro , SME Finance او التمويلات الصغيرة والمتوسطة ابدأ كونها باتت تمارس الآن اسس الدراسات الائتمانية ولاسيما KYC او ما يعرف ( اعرف عميلك).
ان الإصرار في حماية البنوك المبالغ بها ونحن نمتلك احتياطي في البنك المركزي واستقرار واضح في الدينار نتيجة الايفاء بالديون وخلافه لا مبرر لها، ولا تحتاج هذه التضيقات التي لن تدفع بعجلة الاقتصاد لنمو.
هذا ومن المؤكد أن هذه السياسات لن تساعد في تحقيق إستراتيجية (الشمول المالي) ولن تمكن العملاء من بناء سير ائتمانية ترضي البنوك، وإنما ستضعف الحركة الشرائية أكثر، وترفع نسبة المشاكل القضائية، وتحمل الدولة الأردنية أبعاد خطيرة لتداعيات قرارات مسرفة في حماية الدينار!!.
والتي ستعني تشكيل عصابات ( بلطجة) لتحصيل أموال الناس من الناس، وخلق مرابين، وغرق المجتمع بالمخدرات وإرتفاع الفجوة بين الطبقات الإجتماعية نظرا لارتفاع الفائدة على عوائد الودائع مثلا، و زيادة الاحتقان، تدهور الظروف الصحية للافراد نتيجة الضغوطات، وارتفاع معدلات البطالة والطلاق والجريمة والتنمر المجتمعي …
فهل فعلا نحتاج كل هذه التضيقات؟ ، مع الإشارة ان ما ينطبق من سياسات على البنوك التجارية هي نفسها تنطبق على البنوك الإسلامية فالاختلاف أن البنوك الإسلامية تتعامل بشكل يمكن شرحه لكم بمقال اخر مع تعاملان ما يسمى ( بورصة زيت النخيل) لشرعنة المنح كما جاء في قول الله تعالى : (احل الله البيع وحرام الربا) صدق الله العظيم ، الا ان كا يطبق من سياسات في رفع سعر الجواديببر موحد على كل البنوك ولن يعفى اي نوع او تصنيف من العملاء منه.
ومن الغريب ان يصف بعض الخبراء الذين يزدونا عمرا وخبرة اليوم بأن هذا القرار بالحصيف! فقد كان من الأولى أن يقال انه احد الخيارات التقليدية والتي تعفي من عدم إتباع اساليب جديدة فقط لحماية الهامش التاريخي ليس إلا والذي يمكن ان نستعيض عنه بأدوات أخرى او رفعه بنسب أقل لا تزيد عن ربع نقطة وتجمع ظع أخر قسط لامكانية منح العملاء حق الهيكلة في نهاية عمر القرض وليس على كل شرائح العملاء، و/ أو الإكتفاء برفع سعر الفائدة (إذا بقي هنالك اصرار عليها) على القروض القادمة وليس الحالية بنسبة لا تزيد ربع نقطة، ووضع مستويات واستثناءات لأنظمة KYC ، Creif ، Secret ثم طرح حزم تشجيعية للمؤسسات والشركات الناشئة، ورفع عدد سنوات التمويل لكل انواع التمويلات وتخفيض نسب الدفعة الأولى لقروض الأصول الثابتة، وطرح تمويلات بفوائد أو مرابحات متناقصة على قروض الاصول الثابتة مثل السيارات والاثاث …الخ بدلا من الثابتة والتي لا تطبق متناقصة إلا على القروض السكنية أو الايجارات المنتهية بالتملك، وإلغاء بند عدم ثبوت سعر الجواديببر أو الفائدة في عقود العملاء، والبحث عن شراكات ناجحة بين البنوك ومؤسسات رائدة كنوع من الاستثمار لتغطية هاجس القلق والخوف .
ان نمو الاقتصاد الأردني اليوم هو ما يجب ان يكون هاجسا فليس من المعقول أن يصبح عبء دين العميل سواء ال IIR او ال DBR اعلى من 50% فقط لأن الفائدة ارتفعت قصرا عليه، لأن هذا سيعني حتما انهيار المنظومة الاجتماعية، وتعثر مضطرد للعملاء، ورغم ان هذا سيعني حماية لوجودية البنوك لكنها لن يكون على الامد البعيد إذا ما قرأ المشهد لفترة أطول من عدة سنوات .