بعد الترحم على شهداء الحادثة والتمنّي للجرحى بالشفاء العاجل، والطلب من العلي القدير ان يمنّ على ذوي الضحايا باصبر والسلوان، وبعد تقديم الشكر الجزيل لنشامى الوطن على جهودهم.
لا بد ان نقف عند هذا الحادث كجرس انذار مبكر لما قد يحدث ان لا سمح الله ابتُلينا بزلزال، حيث ان هذا احتمال وارد وفي اي لحظة. عندها سنضطر الى التعامل مع عشرات وربما مئات المباني وفي مناطق مختلفة. لذلك، لا بد لنا جميعا كجهات حكومية و كهيئات هندسية من التحضير ووضع الخطط والبدء باتخاذ الإجراءات اللازمة.
في خطٍ موازٍ، لا بد من البدء بالتشديد ضد عمليات التنفيذ الغير احترافي للمشاريع والمباني، واقصد هنا، تلك التي تتم من خلال عقود تنفيذ واشراف صورية. حيث يتم التعاقد مع مقاول غير مؤهل ولكن من خلال عقد صوري مقدم من مقاول مؤهل، بالطبع مقابل مبلغ هزيل من المال. كذلك، هناك الاشراف الصوَري الذي يتم عن طريق تعاقد مالك المشروع مع مكتب هندسي يقوم من خلاله المكتب ببيع عقد اشراف “صوري” الى مالك المشروع وبمبلغ زهيد، شاملا تعيين مهندس مقيم “صوَري” ايضا. هذه المشاريع يتم تنفيذها من خلال مقاولين غير مؤهلين وغير محترفين ولا تتمتع باى نوع من الاشراف الهندسي الحقيقي، وفي كثير من الاحيان، يتم تنفيذها بدون اي وجود لأيةِ متابعةٍ هندسيةٍ فعّالة.
اعتقد ان هذه العملية التي تتم بصورة يومية لا تقل خطورة عن المسببات لكارثة اللويبدة.
بشكل عام، ان العمل الهندسي الاحترافي في هذا البلد بات يعاني من الكثير من المصاعب والتحديات والتي باتت تهدد كل ما تم انجازه على مر السنين. فكثير من الشركات الهندسية العريقة والجيدة وبكافة تخصصاتها من تصميم او تنفيذ او صناعة باتت مهددة بالزوال نتيجة لاسباب عديدة، منها اقتصادية، ومنها يعود الى تشريعات وممارسات رسمية غير مدروسة تم ابتلاء هذا القطاع بها. اضافة الى ما سبق، فإن الكثير من الجهات الحكومية التي تعتمد في ادائِها على المهندسين، قد تم افراغها من الكفائات اللازمة وأصبحت اقرب الى ان تكون عبئا على هذا القطاع بدل من ان تكون عوناً له.
لكي لا تذهب تضحيات من فقدناهم ومن فقدوا اعزاء لهم من ابناء هذا البلد العزيز في هذه الحادثة من دون فائدة، يجب علينا ان نرتب امورنا الداخلية ان كنا على الصعيد الحكومي او على الصعيد الخاص او المهني احتراما لتضحياتهم.
المهندس المعماري فارس بقاعين