ينحدر المبيضين من قريتة الثنية الوادعة في محافظة الكرك النابضة بالحياة بارضها وناسها الضاربة في عمق التاريخ والهوية والاصالة ، هو رجل ولد الى اب من جيل الحراثين اب يكد ويعمل في سبيل حياة فضلى لاسرته غرس في ابنه مهند معنى الكد والبذل والرزق الحلال وكيف يكون عصامياً !! من هنا تبدأ الحكاية للعصامي مهند مبيضين الذي اصبح شيخ الكار بعد مسيرة حبلى بالعطاء ، درس المهند التاريخ في جامعة مؤته بالتسعينات من القرن الماضي لماذا مؤته ؟ هي القريبة من الحُلم والبعيدة عن شبح الاغتراب مبكراً هي مؤته عشق الوالد من قبله بسبب عمله المتعلق بالجامعة سائقاً ومالك لباص الكرك- جامعة مؤته لسنوات طوال .
نقلة جديدة تلت البكالوريوس في التاريخ الى عمان حيث الضوضاء والضجة الرعب الحقيقي لشاب قادم من اقصى الجنوب في نفسه رغبة في الحياة وكسر المستحيل و يحمل على ظهرة حقيبة اسفاره بامتعة حزمها بشدة عصيانه على مستحيل الدنيا وبقوة ارادته حتى لا تزيحها مطبات الصحراوي ولا تنثرها ريح الصعاب في العاصمةوبمعية حقيبته حمل بعضاُ من طقوس القرى وزادها مع وصية اب ودعاء أم ، حط رحاله في عمان لتصبح بعد ذلك انطلاقة فوق العادة له .
عمل في عمان معلماً وكاتب الى جانب دراسته الماجستر في التاريخ ، ومن التاريخ تولد عشق دمشق والعهد العثماني فنتج عن ذلك صناعة مؤرخاً عثمانياً رفيعاً تتلمذ على ايادي مؤرخين اردنيين وعرب وبذات الصلة تتلمذ على يداه مئات الطلبة من شتى المنابر والاصول .
الدكتوراة السهم المنطلق والإعصار القادم في سبيل اكمل المسيرة ليس بالسهل والتحديات في ازدياد مضطرب الا ان المبيضين ركب الأمواج متحزماً في الاصرار والعند واللاعودة لانجاز حلمه وحلم ابيه في آن واحد . وقد نال المراد حاصلاً على شهادة الدكتورة في التاريخ الحديث من الجامعة الأردنية منطلقاً بعدها في معركة حقيقية على طريق التعليم العالي والبحث العلمي والجامعات ،اذ كانت النقلة الاستنثائية في دربه الطويل من الجامعات الخاصة وصولاً الى درة الجامعات وعقل الدولة الاردنية “الجامعة الاردنية ” استاذاً في التاريخ مزهراً متدرجاً بالترقية حسب الاصول ويتفوق فذ للغاية فهو المؤرخ الالمعي المنقطع النظير .
المبيضين اكاديمياً :
انتظر الرجل برهة من الزمن ما بعد التخرج من الدكتوراه وركب قطار التعليم العالي في الجامعات الخاصة وقدم فيها المستطاع وكانت اولى خطوات التميز في هذا القطاع وفي الاردنية شكل المهند الحالة الاردنية الجنوبية الحقيقية صديقاً صدوقاً لطلبته وزملائه بتواضعه وعلمه أسراً بذلك قلوب المحبين في ناحية وفي أخرى ومن باب الغيرة تشكل العداء لعنفوان الرجل من ثلة مبطنة خفية لا تظهر للاعوام .
تقلد العصامي المناصب تباعاً في الجامعة الأم وخارجها إدارياً واكاديماً مبدعاً فيها وهنا الملفتُ في الموضوع البصمة الممتدة التي يتركها خلفه والعشرة النايمه بينه وبين موظفيه لدرجة غضبهم عند مغادرته مركزهُ على العكس تماماً من معادلة التغير في الإدارة لما نراها هنا او هناك
“وان كان ارضاء الناس غاية لا تدرك” .
نعم احب الاردنية والأردن بواقع محبته روح ابيه وطيف امه فعاش الأمين على الأمانه والإداري الفذ بروح الاكاديمي العالم والفاهم .
المبيضين كاتباً واعلامياً :
صاحب القلم الحر واللسان الحاد في الحق لا شيء غير الحق ، فمنذ نعومة اظافر الرجل وبدايته الاولى ظهرت ملكة الكتابه لديه (ذو اليد اليسرى ) أنه يجيد القراءة لا بل قارئ شرس بشراهة ونهم يُفصل الكلمات حرفاً حرفاً ويداعب اللغة بمفرداتها ويغازل الشجع والوصف بالنعت. على الشاشة تجده ان ظهر وسطع نجمه يكون ذلك المتزن الثقيل الذي لا يهتز ولا يستهويه التنظير والبهرجة الاعلامية ولا يذهب في طريق زيف الشهرة “الترند” وان غضب الرجل يغضب لأجل قضية وطنية عميقة تمس الوطن (كما شاهدنا عبر الشاشة منفعلاً غاضباً إبان احداث قلعة الكرك الدامية ) محاور غريب منفرد ، مهند مبيضين صاحب مشروع وطني حقيقي لا يعرف الزيف والتزوير بقلم حر وصل الى أكبر المنابر الاعلامية اقليماً وعربياً واردنياً وعبر شاشات التلفزة هو الحاضر بثقافته وفخامة علمه وارجوانية شخصيته ، المبيضين المؤرخ الكبير والاعلامي المشرق والكاتب المضيء يطول الشرح عن اعماله ومشاريعه في الواقع ، ونحن هنا لسنا بصدد سرد سيرته الذاتية الغنية بتفاصيلها ولكن هي محاولة لارضاء الضمير و تسليط نوعي على بعض من مناقب الدكتور الشهم شيخ الكار في التأريخ والاعلام .
المبيضين انساناً :
هذه شهادة حق سوف اُسال عنها يوم القيامة ، تمتد معرفتي بالدكتور مهند مبيضين على مدى عقد من الزمن وكنتُ ذي حظاً وفير معه رافقتُ الرجل كثيراً في محطات العلم والثقافة والمعرفة لحظات اجتماعية عرفتهُ عن قرب وعارفة عائلته الجميلة ، مهند لا ينهر سائل ولا يردُ ملهوف ولا يجيد التنمر والاضطهاد على اصحاب الحاجة ليجسد فعلياً صديق البسطاء بل رفيقهم الشامخ ، هو القريب من طلبته كأنه الاب الحاني ، يمتلك مفارقة عجيبة بين البسيط مع البسطاء والعنيف مع البرجوازيين لحد نجده يركل البرجوازية المتعفنه بقدمه بعيداً عن طريقة .
البروفيسور مهند هو سند صلب لكل مثقف وصاحب معرفة شرع في دروب العلم والمعرفة ، باختصار شديد جداً مهند المبيضين رجل حقيقي لا يعرف التزيف ابداً ، ومعه وبه تعددت الالقاب والقلب واحد، يا ابا احمد فأنت اعلامي ومؤرخ ، بروفيسور جامعي ،كاتب ومثقف ، مزارع قابض على جمر حب ارض الوطن ، وقبل جملة الالقاب هذه نجدك الغساني الانساني صاحب الكار وشيخهم .
ربما لم نتحدث عن الرجل سياسياً لأنني ارغب في افراد باب خاص لهذا اذ انها اللعبة الصعبه والمعقدة لغاية الثماله .
لم ننصف الرجل حقاً ، وان مرت اساطير المقال على نفوس الحاقدين علقماً ومرا ،وهم من البسوا والصقوا فيه اشياء كثيرات من غير وجه حق فكان البريء كبراءة الذئب من دم ابن يعقوب “وياما في السجن مظاليم ” وذات الكلمات ترقد على نفوس المحبين كحمامة سلام بهيه .
الاستاذ الدكتور مهند المبيضين الجنوبي “الواهي” والغساني الاصيل لا تغضب مني على كتابة هذه الكلمات البسيطة من عبد فقير لله ، والله كلمات حقاً يراد بها حق والله من وراء القصد ، وفقكم الله لخدمة الوطن الاغر في عهد المعزز عبدالله الثاني ابن الحسين وولي عهده الأمين .