حنان كفاوين
اختتام مشروع مواجهة مشكلة التلوث البلاستيكي في العقبة المنفذ من قِبل الجمعية الملكية لحماية البيئة البحرية بالتعاون مع سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة وبدعم من مؤسسة هينرش بُل – فلسطين والأردن، من خلال الورشة الختامية بحضور كافة أصحاب العلاقة والمعنيين والتي اقيمت بتاريخ 20/10/2022، برعاية وحضور مفوض السياحة والبيئة الدكتور نضال المجالي والذي تحدث خلالها حول دور المشاريع والمبادرات البيئية في العمل على مواجهة مشكلة التلوث البلاستيكي، حيث ان نسبة 80% من نفايات جوف البحر هي نفايات قادمة من الشواطئ وتنتج عن السلوك الخاطئ في التعامل مع النفايات من قبل المواطنين ورواد الشواطئ في مدينة العقبة، مشيرا ايضاً أن نسبة 80% من النفايات المستخرجة من جوف البحر خلال حملات التنظيف هي نفايات بلاستيكية، مبيناً ان عبوات المياه التي توزع وتباع على شكل أكواب بلاستيكية صغيرة هي القنبلة التي ستنفجر في وجه الحياة البحرية في وقت ليس ببعيد مشددا على ضرورة ان يتشارك الجميع في قرارات مصيرية بخصوصها داخل العقبة وقد تصل لحد المنع من تصنيعها وتدوالها.
كما أشار المجالي على أن دور سلطة العقبة الخاصة هو ناظم وممكن لجميع الاجراءات والتعليمات المتعلقة بحماية البيئة بشكل عام والبيئة البحرية بشكل خاص، وان الدور الأكبر يعود على الناشطين والمؤسسات البيئية والإعلام لنشر مبادىء العدالة البيئية والتوعية بشأنها، وأكد أن السلطة وبعد إصدارها ل “تعليمات تنظيم التداول والتعامل مع أكياس البلاستيك في منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة” بتاريخ 16 آب 2021 ستعمل على البدء بتطبيقها وتنفيذها ولكن بعد إيجاد البدائل والخيارات المناسبة لكافة الأطراف مشيراً إلى أن الموضوع مرتبط بالسلوك وهو ما نعمل بالتعاون مع كافة الجهات على تغييره وتطبيق افضل البدائل المناسبة.
من جانبه بيّن خبير الدراسات البيئية الدكتور محمد خيري ومن خلال دراسة قيّمة قام بها لمشروع مواجهة مشكلة التلوث البلاستيكي في العقبة بعنوان ” بدائل الأكياس البلاستيكية في محافظة العقبة وتقييم أثرها البيئي و الاقتصادي والاجتماعي”، ان كمية استهلاك البلاستيك زادت بنسبة 56 % خلال العشرين سنة الماضية، و تبين ان الفرد في الاردن ينتج الى ما يقارب 60 كيلو َمن نفايات البلاستيك سنوياً، وفي العقبة قد يصل الرقم الى 1200 طن من أكياس البلاستيك كنفايات سنوياً لتصل قيمة الخسائر السنوية إلى مايقارب 12.5 مليون دينار، حيث تقدر خسائر القطاع السياحي بنحو 10.5 مليون دينار سنويآ بسبب انخفاض نفقات السيّاح وذلك لانخفاض مستوى النظافة في المنطقة، وكذلك تقدر الخسائر الناتجة في الثروة الحيوانية من خلال نفوق الماشية جراء ابتلاع الأكياس او حتى من الأمراض الناجمة عن تحلل هذه الأكياس في الطبيعة وتناولها من قبل المواشي نحو نصف مليون دينار سنوياً، إضافة الى النفقات الكبيرة التي يتم صرفها للتخلص من البلاستيك، حيث يتم استهلاك ما قيمته 189 الف دينار سنويا لحملات تنظيف الشواطئ فقط وهي أرقام ضخمة، علماً بأن هذه الخسائر لا تشمل التأثير على الكائنات البحرية كالمرجان وخلافه.
واستعرض الدكتور خيري اهم البدائل التي يمكن استبدال الأكياس البلاستيكية بها وتمثلت في استخدام أكياس بلاستيكية كبيرة وعالية السماكة ويمكن استخدامها من 15 إلى 50 مرة، إضافة إلى بدائل كحقيبة مصنوعة من القماش او الجلد وهو الخيار الأفضل لكنه مرتفع الثمن وقد يلاقي صعوبة في الإقبال عليه من قبل المواطنين، وقد يكون البديل هو العودة للاكياس الورقية والتي قد تتناسب مع الخبز وبعض الأطعمة ولاتتناسب مع استعمالات أخرى كما ذكر السيناريوهات الخاصة بالبدائل المقترحة من حيث تكلفة كل بديل وفوائده وسلبياته.
وحول دور غرفة تجارة العقبة في التقليل من استخدام الأكياس البلاستيكية؛ قال القائم بأعمال مدير غرفة تجارة العقبة محمد الغرابلي ان دور الغرفة لا يتجاوز موضوع توعية التجار في العقبة بمخاطر البلاستيك وتوصيل اي قوانين او تعليمات تصدر من قبل الجهات ذات العلاقة حول هذا الموضوع، موضحاً انه لا يمكن التخلص من موضوع البلاستيك الا من خلال قرار جريء وحازم يصدر عن الجهات المختصة بالبيئة في العقبة.
مبيناً ان هذا الموضوع يطرح منذ سنوات ولازال دون تطبيق لغياب الجدية والحزم بتطبيق القانون والتعليمات التي تصدر حول البلاستيك، منوها إلى أن التجار في العقبة متعاونين ولن يكون لديهم اي مانع بأي تعليمات تصدر رسميا للتخلص من البلاستيك واي مقاومة أو رفض من اي طرف ستنتهي اذا قامت الجهات المختصة بتطبيق القانون وبعدالة على الجميع.
وقال مندوب دائرة الجمارك بلال المرفوع ان دائرة الجمارك العامة هي جهة تنفيذية فقط ولاتملك صلاحيات اصدار قوانين او تعليمات بالسماح او منع دخول البلاستيك في العقبة ولكنها تطبق القوانين والتعليمات التي تصدر عن أي مؤسسة من مؤسسات الدولة وفي حال صدر اي قرار بمنع دخول أكياس البلاستيك او غيرها فإنه سيتم تطبيقه وعلى أعلى المستويات.
من جهته، قال المدير التنفيذي للجمعية الملكية لحماية البيئة البحرية محمد الطواها ان مشكلة القاء الملوثات والمخلفات في خليج العقبة لا سيما البلاستكية منها كثيراً ما تصل للشعاب المرجانية، وتغطيها وتمنع عنها الضوء، فتقضي على نشاطها في البحر، ليمتد تأثيرها الى الأسماك والسلاحف البحرية وكلاب البحر عندما تبتلعها، بحيث لا تعود قادرة على إخراجها فتقتلها. ولأجل تفادي المشكلة، شددت الجهات الرسمية والأمنية على مراقبتها لشواطئ العقبة وسط تفعيل كامل للمخالفات البيئية على المواطنين والزوار والمنشآت البحرية المخالفة للتعليمات. وخرج مشروع مواجهة مشكلة التلوث البلاستيكي في العقبة والذي تم تنفيذه على ثلاث مراحل إلى عدد من التوصيات والتي ساهم بوضعها ممثلين عن مختلف القطاعات الرسمية والاهلية في العقبة كالتالي:
تصميم برنامج توعوي يتناول جزء من التعليمات والدراسة مع مؤسسات المجتمع المحلي والمدني وان يكون هناك رسائل توعوية داخل العقبة وخارجها بشكل مستمر حول الموضوع.
- إعادة استخدام الاكياس متعددة الاستخدام لثمانية مرات على الأقل افضل من البدائل الاخرى.
- دعم خطوط انتاج المصانع بحيث تصنع اكياس اكثر سماكة ضمن المواصفات والمقاييس، حيث ان غازات التبريد التي تستخدم للاكياس البلاستيكية الأكثر سماكة أقل ضررآ على البيئة من التي تستخدم للاكياس الاقل سماكة
- التركيز على أفراد الأسرة بالتوعية لضمان انتشار الثقافة الايجابية بين المجتمع.
- منع تصنيع الأكياس البلاستيكية ذات النوعية السيئة والتي ليست مطابقة للمواصفات والمقاييس وحسب التعليمات.
- تفعيل المخالفات على شكل نقاط، بحيث لا يتم محاسبة المخالف من اول مخالفة وانما تحسب له نقطة ومثلا على النقطة الخامسة يحاسب المواطن بدفع غرامة مالية تفرضها وتحددها التعليمات والقوانين.
- وضع لوحات توعوية على ابواب المخابز والمحال التجارية بتأثير البلاستيك على الصحة العامة وبضرورة الحد من استخدامه إمكانية تقديم حوافز للمنشآت التي تنفذ التعليمات والأنظمة مثل تخفيض الرسوم والضرائب على المواد البديلة للبلاستيك
- عقد ورش عمل توعوية لكافة المؤسسات التجارية حول بدائل استخدام البلاستيك.
- توفير شركات متخصصة لجمع النفايات البلاستيكية في العقبة.
من الجدير بالذكر أهم نشاطات المشروع على مدار الثلاثة سنوات مختصرة وهي : مراجعة مسودة تعليمات تنظيم التداول والتعامل مع الاكياس البلاستيكية واعداد دراسة قانونية حول التعليمات، اعداد دراسة الاثر الاجتماعي والاقتصادي للتعليمات في العقبة، تنفيذ ورشات عمل توعوية حول أثر البلاستيك على البيئة والصحة وكيفية الحد من استخدامه لقطاعات مختلفة (قطاع السياحة، المؤسسات النسوية، الإعلام، إلخ) ،انتاج فيلم وثائقي قصير عن البلاستيك بعنوان “نحو خليج العقبة خالي من البلاستيك” ونشره على مواقع التواصل الاجتماعي، تشكيل مجموعة من النشطاء والمؤثرين لدعم تنفيذ التعليمات وتنفيذ أنشطة التوعية حول مشكلة التلوث البلاستيكي ورفض استخدامه المفرط، تصميم جدارية توعوية توضح أثر التلوث البلاستيكي على البيئة البحرية في مشروع الممشى، اعداد دراسة جدوى لبدائل الأكياس البلاستيكية بعنوان ” بدائل الأكياس البلاستيكية في محافظة العقبة وتقييم أثرها البيئي والاقتصادي والاجتماعي”، بالإضافة الى جلسات حوار جمعت مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص والعام وبمشاركة فاعلة من لجان الأحياء في العقبة.
مما سبق نجد ان موضوع البلاستيك ومخاطره تجاوز حدود المكان والزمان ووصل لقدرة هذا الكوكب على الحياة والاستمرار الأمر الذي يستدعي البدء بالتطبيق والتنفيذ لهذا المشروع وماتضمنه من دراسات نوعية حول واقع الحال في الاردن والعالم ومايتطلبه ذلك من تضافر للجهود وشحذ للهمم للتخلص من آفة البلاستيك.
تم اعداد هذا التقرير الإخباري من قبل الجمعية الملكية لحماية البيئة البحرية ضمن مشروع “مواجهة مشكلة التلوث البلاستيكي في العقبة – المرحلة الثالثة” بالتعاون مع سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة وبتمويل من مؤسسة هينرش بُل – فلسطين والاردن
الآراء الواردة في هذا التقرير هي آراء المؤلفين/ات ولا تعبر بالضرورة عن رأي مؤسسة هينرش بُل – فلسطين والأردن.