كتب محمد الخطيب
قيل ان الحديث الجميل يترك خلفه اثرا كبيرا على المتلقي…فكم من كلمة جميلة بعثت التفاؤل والرضا بعد حُزن عميق..
فالكلام الذي يخرج من القلب بشكل عام هو أصدق كلام وأصدق ما يشعر به الشخص حيال الآخرين…. والكلام الجميل والحديث بشفافية وبساطة هي مفاتيح قلوب الناس…. وحتى تتمكن من كسب ود من حولك عليك بتبادل الكلام الجميل بينك وبينهم، فقد أكد رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم أن الكلمة الطيبة صدقة، والكلمة الطيبة شعبة من شعب الإيمان.
هذا ما طبّقه وزير الداخلية مازن الفراية يوم أمس في جلسة في منطقة شمال عمان، في دارة الصديق “ايمن سلام” وهو أحد المستثمرين في قطاع الإسكان، حيث التقى وزير الداخلية، ليلة أمس الأربعاء، عددا من المستثمرين في عدة قطاعات وممثلين عن المجتمع المحلي في شفا بدران والجبيهة.
وزير الداخلية مازن الفراية التقط كلمات جلالة الملك عبدالله الثاني في اخر لقاء مع الحكومة الأردنية، حيث كانت التوجيهات الملكية واضحة بأهمية تعزيز التواصل مع المواطنين، للاستماع إلى ملاحظاتهم والوقوف على احتياجاتهم في جميع المحافظات، وأقتبس هنا عبارة من جلالة سيدنا (نجاح أي وزير ووزارة هو التواصل مع الناس والتواجد في الميدان).
ليلة أمس، استمعنا الى ايجاز شامل عن المنظومة الأمنية في الأردن، والتحديات الداخلية والخارجية التي تواجه الامن الوطني الأردني والسلم المجتمعي….. وخطط وأليات وزارة الداخلية وأذرعها في مواجهة هذه التحديات، ودور المواطن أيضا في المحافظة على الامن والنظام.
لم يُنكر وزير الداخلية حرب الأردن على المخدرات، وبيّن دور القوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية في هذا الجانب، مؤكدا ان الأردن لا زال ممر وليس مستقر للمخدرات، لأن تجار المخدرات يبحثون عن سعر اعلى لبضائعهم وسوق أكبر من الأردن، لكن لم ينفي دخول المخدرات الى الأردن رغم الجهود العظيمة التي تُبذل لمكافحة هذه الآفة.
وشدد الوزير على دور المواطن أيضا في حماية نفسه ومجتمعه من خطر المخدرات وأشاد بدور المواطن في التعاون مع الأجهزة الأمنية لمكافحة المخدرات، وقدّم الشكر لكل المنظمات المدنية التي تسهم في عملية التوعية والتثقيف.
خلال لقاء ليلة أمس أكد وزير الداخلية أهمية تهيئة البيئة المناسبة للاستثمار على كافة مستوياته وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص، وأشار أيضا ان تحقيق الامن والاستقرار سينعكس إيجابا على الاستثمار في الأردن، وجذب رؤوس الأموال والمستثمرين، كما شدد على أن أولوية الوزارة ومركز عملها المحوري هو الدور التنموي، الأمر الذي يتطلب من كل العاملين في وزارة الداخلية إيلاء هذا الدور الاهتمام والعناية اللازمتين.
وزير الداخلية أوضح معنى الدور التنموي لوزارة الداخلية، ودورها أيضا في التنمية الاقتصادية، واكد كُرهه الشديد للعمل الروتيني والنمطي، و”نظرية الصبّة” ومقولة هذا ما وجدنا عليه ابائنا.
أشار وزير الداخلية أمس الى ان زوار الأردن تضاعفوا خلال عام 2022، مما يدل ان وزارة الداخلية وبالتنسيق مع الجهات المعنية ساهمت مساهمة كبيرة في تسهيل دخول الزوار الى الأردن، من خلال العديد من الإجراءات والقرارات والتسهيلات التي قدمتها وزارة الداخلية.
وأكثر ما لفت نظر الحضور حول الحديث عن تأشيرات الزيارة للأردن ومنح غير الأردنيين للإقامة، انه رفض استخدام مصطلح الجنسيات المقيدة وغير المقيدة من ناحية إنسانية، وأصر على ان هناك جنسيات تحتاج الى موافقة أمنية لدخول الأردن وجنسيات لا تحتاج لذلك، تبعا للوضع الأمني في بلد الزائر.
أكد وزير الداخلية انه في بداية الشهر القادم ستبدأ وزارة الداخلية اصدار التأشيرات الكترونيا، لتوفير الوقت والجهد على الزائر، وان العديد من الخدمات باتت مؤتمتة والعمل جار على اتمتة باقي الخدمات.
وزير الداخلية أكد مجددا عدم جود بؤر ساخنة في الأردن، او ان هناك أماكن عصية على الأجهزة الأمنية، وأشار بكل صراحة ان التعامل مع أي حدث من قبل الأجهزة الأمنية يكون مدروس ووفقا لخطط عملياتية تراعي خصوصية بعض المناطق والكثافة البشرية في المنطقة.
الحضور ناقشوا بإسهاب عدد من القضايا والمشاكل التي تواجههم، وتطرقوا الى قضايا الاتاوات والشكاوى الكيدية وموضوع العفو العام، الفراية أكد انه لم يتم مناقشة موضوع اصدار عفو عام حتى اللحظة، كما ان اصدار العفو العام يتطلب دراسة متأنية جدا، رغم وجود اكتظاظ داخل مراكز الإصلاح والتأهيل، وبين الفراية ان هناك توجيهات للمحافظين والحكام الإداريين لتخفيض التوقيف الإداري للحد الأدنى، كما ان هناك توجيهات من قبل مدير الامن العام لمرتباته في المراكز الأمنية للتعامل الجاد مع مكرري الجرائم وفارضي الاتاوات، وكيفية التعامل مع الشكاوى الكيدية. وأشار وزير الداخلية مازن الفراية ان ظاهرة الاتاوات والبلطجة في الأردن انخفضت بشكل كبير جدا.
جرى حديث حول سوق الخضار المركزي سواء في عمان او بعض المحافظات، وعن تحكّم بعض الوافدين في الأسعار، وأكد الفراية ان سيزور الأسواق في القريب العاجل بشكل مفاجئ برفقة الأجهزة المعنية للوقوف على واقع الحال.
تحدث وزير الداخلية بكل شفافية حول ازمة سائقي الشحن ودور الحكومة في هذا الصدد، مؤكدا ان الحلول قادمة بما يرضي جميع الأطراف ويحقق المصلحة العامة.
ودار حوار حول قانون الإدارة المحلية وكيفية تجاوز بعض المعيقات لتحقيق التنمية المستدامة، وطالب وزير الداخلية من الحضور تقديم مقترحاتهم في هذا الخصوص ووعد بدراستها والإفادة منها. وأضاف الفراية، أن دور وزارة الداخلية ليس امنيا فقط بل يشمل التنمية والاستثمار.
وحول انشاء المدينة الجديدة جرى نقاش موسع حول الموضوع، ولفت ان هناك خبراء يدرسون هذا الموضوع من حيث التصميم وغير ذلك بما يضمن نجاح المشروع.
واكد الفراية ان وزارة الداخلية ماضية في تطوير خططها وتحديث خدماتها واتخاذ كل الإجراءات الكفيلة لتشجيع الاستثمار وتسهيل الحصول على التأشيرات لرجال الاعمال العرب والأجانب.
بقي ان نقول ان الفراية شخصية عسكرية يمتلك صفات قيادية وإدارية، فهو ابن الجيش وابن الكرك الآبية…. وهو من خلفية اجتماعية وطنية مجبولة على حب الوطن وقيادته، ويعتز بخدمة أبناء الوطن من شماله الى اقصى الجنوب..
الفراية، في حديثه ليلة أمس لامس قلوبنا… وخاطب عقولنا…. مستخدماُ مفردات تخلوا من التكلّف والتكبّر… فهو من بيت بسيط من قرية الجديدة الكركية الجنوبية، تلك البيوت الممتلئة بالنخوة والمروءة العربية.