اتهمت حنان العتر، أرملة الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، وزير الخارجية الأميركي السابق، مايك بومبيو، باختلاق أكاذيب بشأن زوجها الراحل الذي قتل في القنصلية السعودية في إسطنبول عام 2018.
وفي كتابه الجديد، الذي ينشر الثلاثاء، تساءل بومبيو إذا كان خاشقجي، الذي كان يكتب مقالات منتظمة في صحيفة واشنطن بوست، يمكن اعتباره “صحفيا” أو “ناشطا” فحسب، واعتبر أنه “كان يدعم الفريق الخاسر” بالسعودية، وذلك بحسب ما نقلت صحيفة “الغارديان”.
واعتبرت العتر، في حديثها مع موقع “الحرة”، الثلاثاء، أن بومبيو يتاجر بمأساة زوجها الراحل، من خلال حديثه عنه في كتابه “بمعلومات كاذبة”.
وقال بومبيو: “للتوضيح، كان خاشقجي كاتبا كما أنني والعديد من الشخصيات العامة الأخرى ننشر كتاباتنا أحيانا، لكننا نقوم أيضا بأشياء أخرى”.
وانتقد بومبيو السخط الذي نجم عن مقتل خاشقجي، ووصفه بأنه “غضب زائف”، معتبرا أن وسائل الإعلام جعلت منه النسخة السعودية من الصحفي الاستقصائي الأميركي، بوب وودوارد، لانتقاده للعائلة المالكة من خلال مقالات الرأي التي نشرها في صحيفة واشنطن بوست.
وبوب وودوارد، من أشهر الصحفيين في العالم، ومعروف بأنه مفجر فضيحة ووترغيت، التي أدت إلى استقالة الرئيس الأمريكي السابق ريتشارد نيكسون من منصبه.
وقال بومبيو: “في الحقيقة، كان خاشقجي ناشطا، يدعم الفريق الخاسر في معركة على عرش المملكة (..) ولم يكن سعيدا بكونه منفيا”.
لكن العتر اعتبرت، في حديثها للحرة، أن كلام بومبيو دليل على أنه “لا يعلم شيئا عن زوجي”، مخاطبة وزير الخارجية الأميركي السابق: “إذا كنت لا تعرف شيئا، فيجب عليك الصمت”.
وأوضحت أن خاشقجي بدأ عمله الصحفي منذ بداية ثمانينيات القرن الماضي وغطى تطورات في أفغانستان والجزائر، وغطى عاصفة الصحراء (حرب تحرير الكويت) عام 1991، وكان مخضرما في عالم الصحافة يعبر عن نموذج الصحفي المسلم من الشرق الأوسط، وله مواقف إنسانية كثيرة بنت شخصته وأوصلته للنتيجة التي مات عليها”.
ونفت العتر أن يكون زوجها الراحل اختار الجانب الخاسر بين متسابقين على العرش في السعودية “خاشقجي كان يقول صراحة أنا لست ضد المملكة ولست ضد العائلة المالكة ولست ضد ولي العهد، وداخل جدران منزلنا لم يكن يتحدث عنهم بسوء، بل كان وفيا للمملكة والعائلة المالكة، لكن من حقه كإنسان مستنير ولديه ضمير أن يشارك رأيه في أن يصبو إلى الديمقراطية والعدل والمساواة، ونحن نستحق في الشرق هذا”، مضيفة أن “هروبه إلى المنفى في الولايات المتحدة لم يكن اختياره”.
ودخل خاشقجي الذي كان يعيش في الولايات المتحدة منذ العام 2017، إلى قنصلية بلاده في اسطنبول في الثاني من أكتوبر 2018، لكنه لم يخرج منها.
وقالت العتر لموقع “الحرة”: “كان زوجي وفيا لولي العهد لكنه كان ضد بعض الخطوات في مجال محاربة الفساد على سبيل المثال، فكان يتساءل عن سبب إيقاف بعض الأثرياء والأمراء ووضعهم في فندق، ثم الإفراج عنهم، كان يطالب بالشفافية عن سبب إيقافهم وعن سبب الإفراج عنهم، وهي أسئلة مشروعة”.
الإخوان وبن لادن
واتهم بومبيو خاشقجي بأنه “كان يتعامل مع جماعة الإخوان المسلمين الداعمة للإرهاب، وأنه أعرب عن أسفه لوفاة أسامة بن لادن”، بحسب ما نقلت “الغارديان”.
وكان بومبيو، رئيسًا لوكالة المخابرات المركزية، قبل أن يصبح وزيرا للخارجية في عهد الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب.
واتّهم تقرير لأجهزة الاستخبارات الأميركية، ولي العهد السعودي محمّد بن سلمان، بأنه وافق على اغتيال خاشقجي، الذي ارتكبه فريق أمني خاص أُرسل خصيصا إلى تركيا.
واعتبر بومبيو أن مقتل خاشقجي لم يكن بمثابة مفاجأة له “لقد رأيت ما يكفي من الشرق الأوسط لأعرف أن هذا النوع من القسوة كان شيئا روتينيا للغاية في ذلك الجزء من العالم”.
لكن بومبيو أكد أن “خاشقجي لم يكن يستحق الموت، لكننا بحاجة إلى أن نكون واضحين بشأن هويته (الحقيقية)، وكثير من الإعلاميين لم يوضحوا ذلك”.
من جهتها تساءلت العتر في حديثها مع موقع “الحرة”: “كم مرة قابل بومبيو زوجي، أو حتى قرأ له أو رأى مقابلاته”؟، وأضافت “كيف يتحدث عنه وهو لا يعرفه، وعلى أي أساس بنى رأيه”، غير مستبعدة أن يكون قد استقى معلوماته مما وصفتها بـ”ديكتاتوريات الشرق”.
وقالت “حتى لو استقى معلوماته من دولة معينة في الخليج أو الشرق الأوسط، فهل هذه الأنظمة تعد مصدرا لمعلومات صحيحة، وإذا كان قد بنى رأيه بناء على افتراضات، فكان يجب عليه باعتباره سياسيا، أن يكون أكثر اتزانا ومصداقية”.
واعتبرت أن “كل ما تناوله عبارة عن كذب وافتراء وشيء غير مقبول من سياسي لديه طموح، ولذا كيف يسمح لنفسه أن يقلل من مأساة وتضحية جمال التي عشتها أنا معه لسنوات منذ عام 2009”.
ونفت العتر أن زوجها الراحل كان عضوا في جماعة الإخوان “ولم يتعاطف أبدا مع أحداث الحادي عشر من سبتمبر”، غير أنها أضافت: “حتى لو كان عضوا في هذه الجماعة، فهل هذا يبرر هذه الجريمة البشعة والشنيعة”.
ووصف بومبيو في كتابه، مقتل خاشقجي بـ”مجزرة بشعة”، و”غير مقبولة” و”غير قانونية”.
لكن العتر اعتبرت أن هذا من قبيل دس السم في العسل، عبر مقدمة طيبة، حتى يتم استساغة ما سيقوله فيما بعد، و”حتى يبدو منصفا، قبل أن يتهم زوجي بأنه كان من جماعة الإخوان، أو يتعاطف مع بن لادن، أو كان موافقا على الحادي عشر من سبتمبر”.
الحرة