شخص واحد في الدنيا تحبه ولا تحبه في وقت واحد هو الشهيد ياسر عرفات.
زعيم الفلسطينيين بلا منازع ، اختلف معه الجميع ولم يختلفوا عليه قائدا نادرا لمسيرتهم الكفاحية ، وقبطانا بارعا لسفينتهم الفلسطينية في بحر الظلمات .
ياسر عرفات الزعيم المثير للجدل في حياته وفي موته ، رجل جمع المتناقضات تحت كوفيته .. هو ثوري كجيفارا وبرغامتي كميكافلي في آن ، أرادها كوفية تعيد للأذهان كوفية الثائر الشهيد عبد القادر الحسيني ، وحين يخاطب العالم يحول مقدمتها الى شكل رأس حمامة سلام ، لم يلبس الملابس المدنية في حياته ، دخل البيت الأبيض بملابسه العسكرية ، وصافح رابين بثياب الفدائي .. حمل غصن الزيتون بيد والبندقية بيد في الأمم المتحدة .. عاش ومات ومسدسه (البكر ) على خصره ، لا أحد مثل ياسر عرفات يتقن جمع النقيضين ويزوجهما في عرس جماعي ، سكن في طائرة وجاب العالم من اجل قضية شعبه ، ودخل قصور الزعماء وهو لا بيت له ، جمع حوله المستشارين ببدلات ” تيد ليبدوس ” الفاخرة ،وبقي في ثياب ” الخاكي ” وسطهم يخيط زرا مقطوعا لبدلته العسكرية بنفسه ! تحت يديه المليارات والآمر الناهي لـ “يُصرف له ” ولا مصروف شخصي له ، تقام حوله الولائم ويتعشى قطعة جبنة مع عسل ! يتحلق حوله الفاسدون كالذباب ولا يكترث ، ينشغل بالقضايا الكبيرة والصغيرة من تعين سفير الى صرف ثمن ” بوط ” لفدائي ، يشق الفصائل ويوحدهم ، ويجلس بين نايف حواتمة وياسر عبد ربه ، وبين أحمد جبريل وأبو العباس ، يقبل رأس الشيخ احمد ياسين ، ويقرأ تقارير محمد دحلان ، يهتم باطلاق سراح مروان البرغوثي وأحمد سعدات ، ويطلق يد محمد رشيد ” خالد سلام ” في مشاريع الاقتصاد !
لا أحد مثل ياسر عرفات يملك المهارة في قيادة أعقد قضايا العصر على الاطلاق ، ولذلك استعجلوا موته ذلك الموت المثير للجدل كصاحبه هل مات ام قُتل ؟!!!
لن يجيب أحد ، ويبقى سر رحيله غامضا لأنه ياسر عرفات الرقم الصعب في حياته وفي موته !
الفلسطينيون بلا ياسر عرفات .. تائهون يبحثون عن زعيم يتقن كوفيته التي هي كوفية الثائر، ولها رأس حمامة سلام !! وسيظل شعب ” الختيار ” يبحث عن الخيارات الصعبة في صراعه مع شعب الله المختار !
الكاتب الصحفي خالد عيسى