بقلم
م. معاذ المبيضين
تُعد المواقع التراثية والسياحية في الأردن مصدرًا هامًا للتوعية الثقافية والتعريف بتاريخ وثقافة الأردن، هذا بالإضافة لما توفره هذه المواقع من فرص عمل ما زالت متواضعه بطبيعتها وعددها للسكان المحليين، سواء كانوا يعملون في القطاع السياحي المباشر أو غير المباشر.
تتطلب استدامة هذه المواقع جهوداً واستثمارات مالية للحفاظ عليها وتطويرها، فعلى الرغم من الأهمية الكبيرة لهذه المواقع، إلا أنها تواجه تحديات عدة، مثل التلف والتدهور البيئي والاجتماعي والاقتصادي، وتأثيرات التغيرات المناخية.
تتضمن تكلفة استدامة المواقع وتطويرها عدة جوانب، مثل الحفاظ على المباني والهياكل التراثية والتأكيد على سلامتها واستدامتها على المدى الطويل، وتوفير التسهيلات والبنية التحتية السياحية اللازمة، مثل وسائل النقل والخدمات السياحية الأخرى.
بالرجوع الى قانون الموازنة العامة لعام 2023، نجد أن إجمالي ما خصص لدائرة الآثار العامة لم يتجاوز الـ 18 مليون دينار ، فيما بلغت الموازنة الكلية لمتحف الأردن مليون و62 ألف دينار. أمام تواضع هذه المبالغ تبرز أهمية تحويل المنشئات والمواقع الى مواقع تحقق عوائد ربحية تساهم في استدامتها وترفد الخزينة ولا تسنزفها، من هنا تبرز أهمية فتح المواقع التراثية والسياحية في الأردن أمام القطاع الخاص للاستثمار وتطوير هذه المواقع وتعزيز استدامتها بالمساهمة في توفير التمويل والاستثمارات اللازمة للحفاظ على هذه المواقع وتطويرها وتشغيلها.
ومن أجل تحقيق استدامة هذه المواقع وجعلها جاذبة للاستثمار الخاص، يجب أن تراعي الشركات المستثمرة أصول الحفاظ على التراث والثقافة المحلية، وتكون ملتزمة بمعايير الاستدامة البيئية والاجتماعية والثقافية، وهو ما يحتم على الحكومة أن تضع إطاراً قوياً للتنظيم والرصد والمتابعة لأنشطة القطاع الخاص في هذه المواقع، وضمان التوازن بين استغلال الموارد والمحافظة على التراث والثقافة المحلية.
تمثل المواقع الأثرية والمتاحف بالأردن فرص استثمارية غير نشطة، ويمكن اعتبار الجدل الذي ترافق مع تصوير برنامج لمجوعة من مؤثري السوشيال ميديا في موقع متحف الدبابات محركاً لضرورة اعادة النظر في تسويق واستثمار هذه المواقع، مع الأخذ بعين الاعتبار طابع كل مكان ورمزيته.
اقتصادياً، لا يمكن لمتحف كمتحف الدبابات والذي يعد أكبر متحف بالأردن ويضم ما يقارب الـ 110 ألية عسكرية من مختلف أنحاء العالم أن ينتقل من تلقي الدعم والمخصصات الحكومية لضمان تغطية كُلفه التشغيلية واستدامته الى الربحية ما لم يكن منفتحاً على الصناعات الإبداعية والترفيهية والتي تمثل عنصراً تسويقيا مهماً لوضعة على خارطة السياحة العالمية لعشاق هذا النوع من التراث المحدود تواجده في المنطقة.
تمثل الصناعات الابداعية والمتمثلة بالفنون البصرية، والموسيقى، والغناء أحد أهم مقومات تعزيز النشاط السياحي لهكذا نوع من المواقع، وهي عنصر تسويقي مهم يرتكز على ضمان تسويق المواقع السياحية والتراثية بشكل يواكب التغيير برغبات واهتمامات السياح، وإدماج عنصر الترفيه ضمن رحل الزائر لها.
أخيراً، لا بد من دراسة جادة لحالة وواقع الموارد والمواقع المملوكة للدولة وإمكانية إدارتها او تشغيلها من قبل القطاع الخاص، وتصنيفها ضمن فرص استثماريه في قطاع الصناعات الابداعية والترفيهية الواعدة.