لم يكن يوما عاديا يوم أمس على المقدسيين والقدس والمسجد الأقصى/ الحرم القدسي الشريف، كان يوما عصيّا على الراحة والأمن والسلامة لكل من وطأت قدماه أرض المدينة المقدسة، يوم مارست به سلطات الاحتلال الإسرائيلي كافة أنواع الانتهاكات والاعتداءات والممارسات الظالمة ضد قدسية المصلين والأقصى وحرمة الأماكن المقدسة.يوم بداياته كنهاياته ازدحم بالانتهاكات والجرائم، والاعتداءات والاعتقالات والإجراءات السيئة جدا ضد المصلين، وضد كل من اتجه لمدينة القدس الشريف يوم أمس، ليواجه كل هذه الاعتداءات المقدسيون بأجسادهم وأرواحهم، وأصبحوا جميعا مرابطين لأجل زهرة المدائن، مرابطين حماية للأقصى، وحماية للدين الإسلامي الذي تعالت الأصوات منذ أيام لنصرته وكأن ما تقوم به إسرائيل من ممارسات ضد الأقصى ليس اعتداء سافرا على الإسلام وقدسية قبلة المسلمين الأولى، يوم أصرّ به المرابطون على الصمود في وجه الاحتلال الذي اعتدت قواته عليهم وحاولت اخلاءهم تزامنا مع اقتحام قطعان المستوطنين للمسجد الأقصى، لكنهم تشبّثوا في «أقصاهم» مدافعين، مناضلين، مواجهين.ولم تقتصر الانتهاكات التي شهدها الأقصى أمس على الاقتحامات والاعتقالات والضرب، إنما تجاوزت ذلك لممارسة المستوطنين طقوسا استفزازية وتخدش حرمة وقدسية المكان المقدس، وفعاليات خاصة بإحيائهم ما يسمى «رأس السنة العبرية» كنفخ البوق في باحات الأقصى، ومورست مخططات تدنيسية واستباحت الأقصى تحت شعار «ابدأ سنتك العبرية بصلاة الصباح في جبل الهيكل» وأداء طقوس تلمودية علنية، وبالطبع منعت قوات الاحتلال الصحفيين من عملهم وتغطية اقتحامات المستوطنين للأقصى، لتبدو الصورة بأعلى درجات الجريمة والعنف والاضطهادات التي لا يمكن لعقل أن يستوعب أنها تحدث في زمن تبدو به منظومة حقوق الإنسان سائدة، ودون ذلك استثناء، لكنها القدس التي على ما يبدو سقطت من كل هذه الحسابات حتى أنها سقطت من رزنامة الزمن بأكمله..يبدو واضحا أن الاحتلال الإسرائيلي بات يستغل أي مناسبة كما يستغل أعياده اليوم للتصعيد في المسجد الأقصى المبارك، في محاولاته التي لا تتوقف عن التقسيم الزماني والمكاني للأقصى، وهو ما يحذر منه الأردن دوما ويذكّر بأن إسرائيل بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، عليها الكف عن جميع الممارسات والانتهاكات بحق المسجد الأقصى واحترام حرمته، مع التشديد على ضرورة احترام سلطة إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية، بصفتها صاحبة الاختصاص الحصري، بإدارة شؤون المسجد الأقصى وتنظيم الدخول إليه، دون ذلك فإن الاحتلال يصرّ على بقاء الأقصى والقدس على حافة الحرب الدائمة والمستمرة، حيث لن يترك المقدسيون القدس يوما حتى تنتهك قدسيتها، ولن يتركوا للاحتلال أي مجال لتنفيذ مخططاته في القدس.يوم أمس الأكثر عنفا على القدس والمقدسين، والأكثر ظلما منذ أشهر، يوم مقدسي عاصف بانتهاكات تجاوزت حدّ المعقول، فهي المدينة بسكانها القابضين على جمرة النضال والبقاء في الأرض مدافعين ومرابطين، وعلى العالم أن يدرك أن القدس ستبقى صامدة، لكن ما يحدث بها من انتهاكات بات يشكّل قفلا سيغلق باب السلام ويجعله مستحيلا، ولن يقبل المقدسيون لحياتهم دربا سوى «قدسهم» ووطنهم وترابهم، وعلى العالم أن يعي ذلك جيدا، ولن تزيد الاعتداءات واقع حال المقدسين سوى مزيدا من الإصرار والنضال والرباط، والتشبّث بأرضهم.
اترك تعليقاً