الزمن ليس أكبر همّنا فكل مرّ سيمرّ كما يقال لكن من المهم التفكير بما خلّفه ذلك المرور وهل تحقق فيه أي عبور، بمعنى إنجاز؟ليس هذا بالمنبر المناسب لعرض أي جردة حساب، معظمنا ككتّاب من على أي منبر كان، لسنا محايدين عندما يتعلق المقال بأسباب وأسرار وتداعيات حرب السابع من أكتوبر بما فيها ذلك الاختيار الزماني والمكاني والعملياتي.الأهم فيما جرى خلال الشهرين الماضيين، تبديد فرص العودة إلى ما كان الحال عليه لدى الأطراف كافة، بمن فيهم أولئك الذين خططوا أو تآمروا لوقوع هذه المقتلة، هذه النكسة والنكبة الفلسطينية ولربما في بعض نواحيها الإسرائيلية أيضا! لم يعرف المجتمع الإسرائيلي ولا مؤسسات الدولة العميقة في إسرائيل -لم يعرفوا من قبل- نزوحا جماعيا متزامنا من الشمال والجنوب وثالثا قد يكون أشد وطأة في حال تفجر الأوضاع في الضفة الغربية. هذا التصاعد في وتيرة المداهمات والاعتقالات والتصفيات-الاغتيالات فيما يمكن وصفه بمراكز قوى الضفة، بدأ يستدرج ردود أفعال قد تكون خارج سيطرة السلطة وفتح وليست بالضرورة لصالح ما تتمناه حماس.القادم أدهى وأمرّ بعد شهرين مرّا كما العلقم، تلك حقيقة قد ترفع الحرج عن الراغبين تحت ضغط الواجب، بقول ما قد لا يرضي الأقلية الناطقة لا الأغلبية الصامتة. الله أسأل أن تكون مخافة الله وطلب حكمته ومدده غايتنا جميعا، خاصة أولئك الذين في دائرة صنع القرار أو دوائر التأثير، ممن هم بحق قادرون على التأثير بالثاء لا السين! الوهم آسر، ومروجوه كما مروجي السموم المسماة المخدرات.. هذا ليس وقت المشاعر والقوى التدميرية التفجيرية فكثير منها ذاتي التدمير. وذاك أمر يخص الكثير من أطراف هذه الحرب وما سبقها. للدماء بسبب قداستها لعنتها الخاصة التي تطارد المتسببين بسفكها، هكذا تعلمنا من التراث الروحي الإنساني الذي بدأ بأول جريمة اقترفها أخ بحق أخيه الوحيد، ما زالت لعنة دماء الأبرياء تطارد القتلى تحت أي ذريعة تمت فيها الجريمة، خاصة إن كانت تحت جنح الظلام والظلم والظلامية.ثمة أصوات جديرة بالإنصات إليها. ثمة وجوه هي الأولى بالتدقيق مليا بتفاصيلها. بتجرد قد لا يرضي البعض، تلك الوجوه هي: ضحايا أي قصف بأي اتجاه. ضحايا التهجير -سموه نزوحا أو تشريدا- وقد كان من الشمال إلى الجنوب فصار تقطيعا لقطاع غزة بمئات المربعات علها تصل إلى فتحات ما قيل أن طوله خمسمئة كيلومتر حلزونية في سراديبها اللولبية! من الوجوه أيضا أولئك الذين ينتظرون بفارغ الصبر عودة أحبتهم أيا كانت جنسيتهم أو صفاتهم الوظيفية. من هول ما رأينا على مدى شهرين بما فيها أيام سموها هدنة إنسانية لتبادل ما في قبضة الطرف الآخر، نسي البعض قسمات الإحباط والقلق -في الجوار- من ضياع الموسم السياحي الشتوي وضرب قطاعات اقتصادية أكثرها إيلاما الملاحة الدولية في البحرين الأحمر ولاحقا الأبيض. الشهر الثالث ما لم يثمر بداية سلام حقيقي أو انسحابا مفسرا تكتيكيا إلى ما وراء «بحر غزة»، هذا الشهر قد يؤسس لعام جديد فيه مفاجأة دولية بحجم أوكرانيا. ليست وحدها واشنطن المعنية في الصميم بما يجري، بكين وموسكو في الصورة أيضا ولو كانتا خارج إطارها.. ــ الدستور