هشام عودة
لقاؤها مع الملحن اللبناني توفيق البيلوني نهاية الخمسينات من القرن الماضي شكل انعطافة كبرى في حياة المطربة الشابة التي تحول اسمها من سميرة كريمونة الى سميرة توفيق ، لبتدأ منذ تلك اللحظة رحلة صعود لم تتوقف في فضاء الاغنية العربية.
وكان افتتاح اذاعة عمان عام 1959 هو الاخر انعطافة مهمة في المسيرة الفنية للمطربة اللبنانية التي اشتهرت بتقديمها للاغنية الاردنية ، حتى تعامل الجمهور معها في الدول العربية ، على انها مطربة اردنية .
شكلت مع الملحنين جميل العاص وتوفيق النمري وغيرهما فريقا فنيا متجانسا ، نهض بالاغنية الاردنية في لونها البدوي ، وصارت بفضلهم قادرة على المنافسة عربيا في وسط كان مليئا بالنجوم الكبار وفي مقدمتهم ام كلثوم وعبد الحليم وعبد الوهاب وفريد الاطرش وفيروز وصباح وغيرهم ، الا ان الفنانة سميرة توفيق تميزت بلونها الخاص ، وقدمت نفسها للجمهور برداء “بدوي” اتسع ليشمل المسلسلات التلفزيونية والافلام السينمائية التي شاركت بها في ستينيات القرن الماضي وسبعينياته ، مثل “بدوية في باريس” و”بدوية في روما” وغيرهما من الاعمال الفنية التي قدمت سميرة توفيق كمطربة عاشقة.
هي صغرى شقيقاتها ، وكان والدها”ريساً” في ميناء بيروت ، ورغم حضورها الفني اللافت الذي ملأ الشاشة العربية ، الا انها لم تقترن برجل الا في منتصف التسعينيات ، وكان رجل اعمال لبنانيا مغتربا في السويد ، في وقت كان فيه كثير من الرجال العرب يتمنون الاقتران بهذه الفنانة الفاتنة.
“غمزة” عينها صارت دالة واضحة وعلامة فارقة ، ظل كثير من الرجال المعجبين ينتظرونها على الشاشة ، في حين ذهبت نساء كثيرات الى رسم شامة تشبه شامة سميرة توفيق على خدودهن ، من باب التشبه بجمال وجهها الذي امتلك اطلاله سحرية على الجمهور العريض.
في ايلول من عام 1935 ولدت في بيروت ، وهي من جيل الفنانة فيروز ، ورغم اشتهارها باللون الغنائي الاردني ، الا انها ظلت تحظى باحتفاء كبير في بيروت والعواصم الاخرى ، وقدمت اغنياتها على مسارح كبيرة في فرنسا وبريطانيا واستراليا وامريكا الاتينية وافريقيا والدول العربية ، وكانت الملكة اليزابيث ملكة بريطانيا حاضرة في حفلها الكبير في استراليا ، فيما حظيت باهتمام شعبي ورسمي كبير في فنزويلا والمكسيك وغيرهما.
نساء مجتمع النخبة العربية تعلقن بازياء سميرة توفيق ، وصرن يقلدنها في تلك الازياء التي ظلت بوجه عام محتشمة ، معتمدة بالاساس على العباءة العربية ، والاحصاءات الصحفية تشير الى ان لديها اكثر من الفي فستان ضاقت عليها خزائن بيتها وخزائن وليم خوري مصمم ازيائها .
الف اغنية ، وربما اكثر ، هي حصيلة ما قدمته الفنانة في مسيرتها التي زادت على نصف قرن ، وقد حفظ الجمهور تلك الاغنيات ورددها ، ومن اشهرها “يا هلا بالضيف ضيف الله” و “صبوا القهوة صبوها وزيدوها هيل”و”يا عين موليتين” وغيرها الكثير مما اختزن في الذاكرة الشعبية الاردنية والعربية .
في الحرب الاهلية اللبنانية في منتصف السبعينيات وقعت قذيفة في منزلها بضاحية الحازمية ببيروت لتقتل زوجة شقيقها ، وتتعهد الفنانة ابناء شقيقها وتمارس معهم دور “الامومة” التي حرمت منها.
سميرة توفيق نجمة عربية كبيرة بملامح اردنية زاهية ، واغنياتها التي ملأت الفضاء العربي ما تزال صالحة للتداول وما زالت قادرة على تقديم الطرب ، في وقت تمتلئ فيه الاجواء بالاصوات المتداخلة التي تكاد لا تترك اثرا في الوعي والذاكرة .
اترك تعليقاً