كمختص في الهندسة الجيوفيزيائية وكاحد ابناء سلطة المصادر الطبيعية سابقاً، ومتابع لمعظم الدراسات المتعلقة بالدراسات الهيدروكربونية والمياه الجوفية والثروات المعدنية، سرني كغيري من ابناء الوطن الاعلان عن الاستكشافات الغازية والبشائر عن احتمالية الاكتشافات النفطية التي تصدر بين الحين والاخر عن وزارة الطاقة والثروة المعدنية.ان اعمال التنقيب عن النفط والغاز في المملكة مستمرة منذ اكثر من سبعة عقود، ظهرت خلالها الشواهد على احتمالية وجود النفط والغاز في بعض المناطق من المملكة. الا انه تحققت اول حلقة نجاح لهذه الاعمال في اكتشاف حقل حمزه النفطي الواقع شرق الازرق عام 1984، والذي ما زال يتنج النفط بكميات محدودة، بلغت ذدروتها بانتاج ما يقارب 200 برميل من النفط يوميا، الا ان هذه الكميات متذبذبة بحيث انخفضت في الاونة الاخيرة الى اقل من 2500 برميل شهرياً، تباع الى مصفاة البترول الاردنية، وحيث كانت اخر فاتورة لهذه المبيعات الشهرية حوالي 120,000 دينار، وفي هذه الحالة تصبح اجمالي المبيعات اقل من (1.5) مليون ونصف دينار (تشمل تكاليف الانتاج والنقل وادارة العمليات، وغيرها، ومن هذا المبلغ سيتم تغطية تكاليف اعمال المسح الزلزالي ثلاثي الابعاد لمنطقة الجفر؟ حسب بيان وزارة الطاقة والثروة المعدنية بتاريخ 29/10/2024، بعد توقيع اتفاقية تنفيذ اعمال المسح الزلزالي مع شركة ARGAS بقيمة مالية تزيد عن 29 مليون دولار). هذا مع العلم بان انتاج الاردن من النفط لعام 2023 ما يقارب 44,000 برميل من النفط (منشور في جريدة الغد تاريخ 26/8/2024) وفي نفس الوقت تقدر احتياجات الاردن من النفط بحوالي 127,000 برميل يومياً. لقد تبع عملية اكتشاف النفط في حقل حمزة اكتشاف الغاز في منطقة الريشة في عام 1987 بالقرب من الحدود العراقية. ومنذ ذلك التاريخ فان اعمال التطوير لحقل الريشة الغازي مستمرة الى ان وصل الانتاج اليومي منه ما يقارب 45 مليون قدم مكعب من الغاز، وحسب خطة شركة البترول الوطنية ان يصل الانتاج الى ما يقارب 200 مليون قدم مكعب من الغاز يومياً في عام 2030. هذا مع العلم بان احتياجات المملكة من الغز تقدر بحوالي 350 مليون قدم مكعب من الغاز، وبالتالي فان حقل الريشة يساهم باقل من 15℅ من احتياجات المملكة في الوقت الحالي. وهنا لا بد من الاشارة الى ان تنفيذ مثل هذه الخطة يحتاج الى استثمار في اعمال الحفر والبنية التحتية لا تقل عن 100 مليون دينار.ان الحديث عن اكتشافات نفطية سابقاً لاوانه حيث ان اعمال المسح الزلزالي الاستكشافية في منطقة الجفر لم تبداء بعد، ومن المتوقع ان تباشر شركة ARGAS مع نهاية هذا العام، وكذلك الشركة الاستثمارية التي وقعت مذكرة تفاهم للعمل في منطقة السرحان وغرب الصفاوي لم تباشر اعمالها ايضاً، كما انه لا يوجد اي جديد فيما يخص منطقة شرق الصفاوي، وكذلك اعمال الحفر في منطقة الازرق لم يتم تقيمها بشكل جيد حتى تاريخه، واعمال الحفر في منطقة السرحان التطورية لم تنتهي ايضاً.اما فيما يتعلق بالاعلان عن اكتشاف احتياطي من الغاز تصل الى 9.4 تريليون قدم، فيجب ان تنوقف عنده، لنفهم اولاً عن اي احتياطي نتحدث وعن كيفية العمليات الحسابية لهذه الغاية، خاصة ان الغاز في منطقة الريشة لا يتواجد في تراكيب جيولوجية، بل في قنوات channel، حسب التقارير الجيولوجية، مما يجعل الامر في غاية الصعوبة (على الرغم باننا نثق بقدرة الزملاء العاملين في شركة البترول الوطنية).ان عملية احتساب الاحتياطي من النفط او الغاز تعتمد على كثير من العوامل، منها المسامية porosity والنفاذية permeability والتشبع saturation وسماكة الطبقة الجيولوجية وامتدادها والمكمن النفطي او الغازي reservoir وغيرها من العوامل الاخرى، والتي يصعب التحكم بها في منطقة الريشة، بسبب تواجد الغاز ليس في تراكيب بل في channels.اما فيما يخص الاحتياطي لكميات الغاز او النفط ، فهي تقسم الى احتياطيات مؤكدة proven reserve (وهي الاحتياطيات التي اكدتها الدراسات الهندسية بدقة عالية على أنها قابلة للاستخراج من الخزانات المحددة وتصل نسبة الدقة هنا الى ما يقارب 90℅) واحتياطي ممكن probable reserves (وهي الاحتياطيات التي تشير الدراسات الهندسية الى احتمال وجودها واستخراجها مع وجود حالة عدم الثقة بالدقة، وفي العادة لا تزيد عن 50℅ من الكميات التي يمكن استردادها او استخراجها) واحتياطي محتمل possible reserves (وهي الاحتياطات المقدرة لمنطقة لم يتم احتسابها بشكل جيد لعدم القدرة على التحكم بكافة المعطيات الحسابية وفي هذه الحالة تكون درجة اليقين منخفضة، وفي العادة تكون حوالي 10℅ من الكميات الفعلية).نحن في الاردن سنكون سعداء جداً اذا كان الاعلان الصادرمن قبل وزارة الطاقة يتحدث عن الاحتياطي المؤكد proven reserve ؟ لان في مثل هذه الحالة نستطيع القول بان الحلقة الاولى للرؤية الاقتصادية للدولة الاردنية تكون قد تحققت. الا اننا نتوجه بالنداء لشركة البترول الوطنية للاعلان عن اي نوع من الاحتياطيات يجري الحديث وان تكشف التفاصيل بشكل دقيق كونها صاحبة الامتياز في منطقة الريشة، ولكي يطمئن المواطنيين الذي اصبح معظم حديثهم يدور حول الاعلان الاخير لوزارة الطاقة والثروة المعدنية، مستذكرين الحديث عن الذهب الذي يعلن عنه بين الفينة والاخرى منذ عقدين من الزمن وخامات اليورانيوم والكعكة الصفراء وغيرها.