تل أبيب: بدأت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية العمل بنشاط خلال الأيام الأخيرة مع العديد من الشركات الخارجية التي ستتعامل مع جميع قضايا المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، تحت إشراف إسرائيلي، في تمهيد واضح لإرساء حكومة عسكرية إسرائيلية بغزة، كما كان يطالب وزير المالية والجيش الإداري بتسلئيل سموتريتش وأيده الكثير من وزراء الائتلاف الحاكم بتل أبيب.
الخطط التي كانت على الورق تنفذ على الأرض فعليا الآن، بحسب ما ورد في صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، التي أضافت أن الجيش الإسرائيلي يقوم بتعميق سيطرته على الأراضي في قطاع غزة، وتوسيع المحاور التي يسيطر عليها، وإنشاء ما يشبه المواقع العسكرية والبؤر الاستيطانية، كل هذا كخطوة على طريق الاستيلاء على مساحة واسعة وتطبيق الحكم العسكري عملياً في قطاع غزة.
وفي الأيام الأخيرة جرت مناقشات حول هذه القضية بين مختلف الأطراف، بما في ذلك وزير الدفاع يسرائيل كاتس، وكبار أعضاء مؤسسة الدفاع ووزراء كبار آخرين، من أجل تعزيز هذه السياسة، وكان هذا واضحا في الزيارة المفاجئة لنتنياهو لغزة أمس.
ووفق مصادر إسرائيلية مطلعة على تفاصيل خطة النظام العسكري بغزة، فإن بعض المسؤولين في القيادة الجنوبية يدفعون من داخل النظام نحو تطبيق الحكم العسكري في القطاع، ويقيمون حواراً مع المستوى السياسي حول هذا الموضوع.
ويأتي هذا التغيير، أو الانتقال إلى الإجراءات النشطة، على خلفية تغييرين مهمين، هما استبدال وزير الدفاع يوآف غالانت في إسرائيل، وفوز دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية.
وكان الوزير المقال غالانت، وفق يديعوت أحرونوت، معارضاً لمقترحات سموتريتش فيما يتعلق بالضفة وغزة، والتي كان يرددها بوصفه وزير دفاع في الجانب الإداري، إذ يعتبر القائد الحقيقي للضفة، وكان يطالب بتنفيذ نفس النموذج في غزة، وهو ما يتم بالفعل الآن.
وكان غالانت يعارض أيضا موقف سموتريتش فيما يتعلق بهدم البؤر الاستيطانية بالضفة، وإصدار مذكرات اعتقال إدارية لنشطاء اليمين المتطرف، وكذلك، فيما يتعلق بقضية اليوم التالي في قطاع غزة.
وفي الوقت نفسه فإن خطط الاستيلاء على الأراضي متواصلة في إطار ما اعتبروه تحصيل الثمن من “حماس” في غزة، وهذا يتوافق مع خطط المستوطنين للاستيطان القادم في شمال القطاع.
وتدعم قيادات الاستيطان في إسرائيل هذا التوجه، الذي طالبوا به منذ بداية الحرب، بقولهم إن هذه فترة تاريخية لتغيير الواقع على الأرض بغزة في مواجهة الفلسطينيين، وفرصة لن تتكرر، حسب المصدر.
وتزعم المصادر الإسرائيلية نفسها أن القرار الذي تم اتخاذه لن ينتظر دخول إدارة ترامب إلى البيت الأبيض، بل يتم تنفيذه على الأرض بالفعل ووضعت الخطط بحيث تشكل الأساس لنشاطات الإدارة الجديدة.
ويوضح مسؤول إسرائيلي كبير أن الهدف الأساسي من كل ذلك هو الحفاظ على سلامة الائتلاف مهما كان الثمن.
ورغم عدم اتخاذ أي قرار سياسي بشأن “اليوم التالي” في قطاع غزة، إذ إن المحور الأساسي فيه إسرائيلي، وهو تشكيل حكومة عسكرية، إلا أن الائتلاف الحاكم يتعامل مع ذلك وينفذه خطوة بخطوة في طريق تحقيقه.
وتم الوضع في الاعتبار، العواقب الاقتصادية واللوجستية والبنية التحتية والأمنية لإنشاء حكومة عسكرية، وأيضا استعدوا للعواقب القانونية بعيدة المدى فيما يتعلق بالسيطرة على ملايين الفلسطينيين وضرورة معاملتهم بطريقة إنسانية.
وتشير مصادر قانونية إلى غياب خطير للوضوح في مسألة ما ستفعله إسرائيل بغزة بعد 13 شهرا من الحرب، فمعنى السيطرة المدنية في غزة يعني أنه سيُطلب من إسرائيل توفير احتياجات السكان من المساعدات الإنسانية والكهرباء والاتصالات والصرف الصحي، وليس فقط السماح للمنظمات الدولية بتوصيل الغذاء واللقاحات.
وهناك حل آخر مطروح، وفق يديعوت احرونوت” العبرية، على الطاولة لا يتم الترويج له على الإطلاق، وهو أن تترك السيطرة في غزة لكيان آخر مثل السلطة الفلسطينية. وهذا هو الحل الذي يعارضه نتنياهو وأعضاء حكومته بشدة. وبدلاً من ذلك، من الممكن أن تتولى دولة أخرى المسؤولية عن القطاع، لكن معظمهم أيضا يعارضون الفكرة طالما أن القتال الإسرائيلي في غزة مستمر، بحسب المصدر.