شكّل التعليم عبر العقود الماضية إحدى ركائز النهضة في الأردن، حيث لعب دورًا محوريًا في بناء المجتمع وتنمية موارده البشرية. لكن اليوم، يجد هذا القطاع نفسه أمام مفترق طرق، يواجه تساؤلات مصيرية: هل لا يزال نظامنا التعليمي قادرًا على اللحاق بركب التطور العالمي؟ وهل يعكس واقعنا حجم الإرث التعليمي الذي كنّا نفاخر به؟
لطالما اعتُبر الأردن نموذجًا تعليميًا متميزًا في المنطقة، إذ أسهمت مدارسه وجامعاته في تخريج كفاءات تركت بصماتها محليًا ودوليًا. غير أن هذا التفوق بدأ يتراجع مع الزمن، حيث طغى الكمّ على النوع، وتقلّصت جودة المخرجات التعليمية في ظل تحديات متراكمة، أبرزها ضعف التوافق بين المناهج واحتياجات سوق العمل، واستمرار الأساليب التقليدية التي لا تعزز الإبداع والتفكير النقدي.
ورغم الجهود المبذولة في تطوير التعليم الرقمي والبحث العلمي، لا يزال الإصلاح بحاجة إلى رؤية أشمل وخطوات أكثر عمقًا. فالمناهج تتطلب إعادة صياغة تُواكب متطلبات العصر، والمعلمون بحاجة إلى تمكين متواصل، والسياسات التعليمية تستدعي مراجعة جادة لضمان التحول من التلقين إلى التفكير المنتج. إن مستقبل الأجيال القادمة مرهون بقدرتنا على إحداث هذا التغيير، فهل نحن مستعدون لتحمل هذه المسؤولية؟
الأستاذ الدكتور صلحي الشحاتيت
رئيس جامعة العقبة للتكنولوجيا سابقا.
أستاذ الكيمياء بجامعة مؤتة.