كان رئيس وزراء مهيبا : من الثابت أنه كان يداوم باكرا . يقوم بجولات مفاجئة تشمل وزارات ودوائر لم يزرها مسؤول كبير قط . يفتش على أظافر الموظفين . يتفقد كشف الدوام . يتلبك الوزراء في الاجتماعات . يبتسمون في محاولة لدفع الرئيس الى التغاضي عن أخطاء يعتقدون أنها صغيرة , ولا تستحق التعنيف والتأنيب .
رئيس وزراء ” عن جد ” . يسكت الشعب اذا أدلى بتصريح عبر شاشة التلفزيون . تخنع مراكز القوى . تنعقد حلقات الدبكة اذا ابتسم .
رجل بكل ما في الكلمة من رصانة ووقار . أنا شخصيا كنت أخاف منه . كان القلم يضطرب بين أصابعي كلما حام طيف الرئيس في الغرفة التي أكتب فيها . بالمناسبة …. لقد أوقفني , قبل سنة من الآن , عن الكتابة . يعرف زملائي أنني كتبت باسم مستعار . الأغلب أنه اتخذ قرار ايقافي في الممر . هل اعترض أحد ؟ ما من أحد يجرؤ على معارضة الرئيس .
يتكلم بهدوء وثقة : لا يقاطعه المستمعون , بل أنهم يهزون رؤوسهم فهما واستيعابا , فيما يقوم المستشار ” ما غيره ” بتدوين الملاحظات . كل ما يرد في دفتر المستشار يتم تنفيذه في الحال .
رئيس وزراء مخيف : الشعب جافل . الأحزاب مختبئة . الصحفيون في الزنازن . النقابات دكاكين . الطلقة في بيت النار . الملامح كومة تجاعيد على الوجوه .
ولكن هذا الرجل المرعب يتهاوى أمام اليهود : ها هو يقول لرئيس الوفد الاسرائيلي المفاوض , في أول لقاء بينهما , يقول : ” أنا لا أفهم في السياسة . أنا مجرد طبيب . اياك أن تستهبلني ” .
يقول الشاعر : ” أسد علي وفي الحروب نعامة ” ..