١- البعض يفترض مع كل خبر جديد علمي أو طبي و خصوصا حين يروجه بعض النشطاء في سبيل استفزاز الجمهور طمعاً في اثارة الجدل وخصوصا في مواقع التواصل الاجتماعي و كأن الأمر اصبح حقيقة مطلقة مطبقة بشكل يومي دون الاطلاع على أدنى تفاصيل.
٢- و هنا أتمنى أن لا يجري الخلط بين أمرين الأول نقل الأعضاء بين البشر سواءا من حي إلى حي أو من متوفى دماغياً إلى حي وهذا أمر رائع جداً و نحن نحث عليه و ننشر كل ما يشجع عليه و هو مطبق و معمول به و لدينا رأي شرعي قوي فيه و بين الأمر الثاني الذي هذا الخبر الذي نشره البعض عن نقل الاعضاء من الحيوانات وخصوصا الخنزير إلى إنسان حي و في ظني أن مقصد البعض اثارة الجدل و المشكلة هنا التشكيك في مسألة نقل الأعضاء !
٣- علمياً و عملياً هذا موضوع نقل الأعضاء من الخنزير أو غيره لا يزال بعيد جدا عن التطبيق العملي اليومي و نجاح حالة لا يعني امكانية الأمر و سهولة و في تقديري المتواضع لا يزال هناك الكثير من الحديث المطلوب في المسائل الدينية و الاخلاقيات الطبية و في الحقوق البيئية بالاضافات الى عشرات الاشكالات الحيوية الجدية التي تحتاج دراسات بعيدة المدى و هذا ما ساحاول البحث فيه ثم الحديث عنه باختصار.
٤- إذا الموضوع المثار موضوع معقد و فيه عوامل مختلفة و في ظني انه لن يحقق نجاحات كبيرة في المدى المنظور ولكن عادة ما يأخذنا الجدل إلى مربعات اخرى من النقاش نحاول أن لا ننجر إليها إلا في اطاري الشريعة المحكمة و العلم الدقيق.
٥- بخصوص الخنزير فهو حيوان أليف من خلق الله و ليس عدواً للإنسان و لكن الشريعة حرمت أكل لحمه و شحمه لحكم كثيرة و أغلب ما ذكر و اطلعت عليه في كتب الفقه القديمة عن العلل لم تكن مدروسة مخبريا أو سريريا و إنما اجتهادات مثل مسألة تأثيرها على طباع الإنسان التي لم تثبت أو تسبيبها للأمراض المعدية وهذا صحيح و لكن هناك بعض الأمراض تنقلها الأبقار و الماعز و الخنازير (البورسيلا مثلا) و هناك ديدان تنقلها الماعز أو الأبقار حصرا و هكذا و لذلك مسألة الانتفاع من بعض اجزاءه لأحكام الضرورة مسألة يمكن مناقشتها كل حالة بحالتها.
٦- و هنا أوكد أن هذا لا يعني أن ما يردده المستفزون صحيح ف استخلاص الانسولين مثلاً من الحيوانات (الخنزير أو غيره) توقف منذ ٤٠ سنة و لم يكن بأي حال الانسولين المستخلص من الخنزير افضل من انسولين الابقار أو الاحصنة و منذ ذلك الحين ١٩٨٠ فإننا نستخدم البكتيريا لتصنيع الانسولين.
٧- و كذلك صمام القلب من الانسجة حية أفضل من الصمام المصنع ميكانيكاً كونه لا يحتاج لأخذ المميع و لكن أنسجة الخنزير ليست أفضل من أنسجة البقر كما يتداول المستفزون فهناك دراسة بريطانية راجعت ذلك و وصلت إلى ما يلي (٤ أوراق قالت أن انسجة البقر أفضل، ورقة واحدة قالت الخنزير أفضل، ٥ أنوراق لا فرق) وفي الاستنتاج كتب الباحثون أن الصمام البقري افضل في مضاعفات أقل و ديناميكية تدفق أعلى و إن كان بالنسبة للوفيات فإنهما متساويان و أعني البقري و الخنزيري!
٨- اللقاحات التي تستخدم للأطفال يمكن استخدام مواد مستخلصة من الخنزير و لكن المواد المستخلصة من العجول و الإبقار هي المستخدمة في اللقاحات التي تصل إلى بلادنا.
٩- و بعد كل ذلك فإن ما أميل إليه هو أن يتم تجنب استخدام أي مستخلصات من الخنزير إذا توفر البديل فإذا لم يتوفر فإن الخنزير خلق الله و نحن أحق من ينتفع به مع تأكيدنا على حرمة لحمه و شحمه بنص كتاب الله الثابت و الله أعلم.
١٠- لا اتحدث هنا بصفتي فقيه و لا مجتهد شرعي و إنما كوني طبيب يبحث عن حكم الله و أمره و يسلم فيه و كل ما ذكرته يمكن النقاش فيه سواءا من الناحية الشرعية أو من الناحية العلمية و الله أعلم.
محمد حسان الذنيبات
اختصاصي أمراض و زراعة الكلى