+
أأ
-

من كتاب ( وللثلاجه حكايا دافئة ايضا ) نسوان حارتنا ٢

{title}
بلكي الإخباري





اخترت لكم ( تلفزيون الحجه ندى )

بقلم :محمود الشمايله

ما زال الوقت باكرا جدا ، وفضولي لمعرفة ما حصل لفارس الذي سقط من على ظهر فرسه يقتلني، و كيف لـــ نجود أن تعيش بدونه ، عبثا أحاول أن أستطلع برنامج أمي لهذا اليوم وهل ستذهب إلى بيت الحجة ندى هذه الليلة لمشاهدة المسلسل البدوي فارس ونجود؟؟؟

كانت ليلة شاقة على الجميع تلك التي شهدنا فيها سقوط البدوي فارس بعد أن أطلق عليه أحدهم رصاصة ،هنا انتهت الحلقة وأغلقت أم فتحي تلفازها ،بعض النسوة كانت تبكي فيما كان الرجال يتحوقلون .

الوقت يمضي ببطء شديد على الحارة ، اقترب من بيت أم فتحي وأقف على الطريق الترابي الوحيد ، ليس هناك شيء ، ثم اصعد الطريق ذاته وأدور في الأزقة محاولا بعثرة الوقت .

الشمس في طريقها إلى مهجعها والموعد يقترب ، تنشغل أم فتحي برش باب بيتها بالماء ثم ترش الطريق الترابي محاولة طمر الغبار ، ثم تخرج ما تيسر لها من جنبيات ومقاعد حديدية مختلفة الإشكال والألوان ،وتنشرها في الشارع ،طاولة صغيرة تضعها في أعلى نقطة ثم تضع تلفازها الصغير عليها ، يأتي أحد أبنائها بالبطارية ويربط سلكا يصل التلفاز بها، كبسة زر تتقنها أم فتحي جيدا فيشتغل التلفاز ، ،،

لم أكن أول الواصلين إلى هنا ، بعض الأطفال الذين رافقوا أمهاتهم كذلك بعض الرجال الذين لم يذهبوا لصلاة المغرب حجزوا مقاعدهم سلفا ، وأم فتحي في انتظار المزيد ..

المصلون غادروا المسجد ليصلوا إلى حوش أم فتحي الذي يصل حتى الطريق الترابي ،كنت اجلس أمام التلفاز مباشرة ، ولكن أحد الرجال طردني وطلب مني أن اذهب إلى آخر الحوش فيما جلس هو مكاني .

الساعة السابعة إلا إعلان البداية ، تكتمل الجلسة بحضور الحج خلف وزوجته الحجة حمامه ، رجل يظهر على الشاشة يرتدي بذلة بلونين هما الأسود والأبيض في الحقيقة كل شيء كان هنا بالأبيض والأسود حتى وجه الرجل الذي طردني .

لم تكن الجلسة منتظمة وليس لها شكل هندسي غير أن الأجساد المنهكة كانت تلتف حول صندوق صغير بلونيين متضادين سيلقي علينا حكاية لا تقل ألما عن حكاياتنا في الحي.

ذيب يرفع يده ويشير لنا بأن اصمتوا

هسسسسسسسس يا عيال .

ثم يلوح بيده مهددا ، الي بسمع صوته بكحتوا من هانا

تعليمات ذيب وجدت رضا من الجميع مما جعله يشعر بالزهو والخيلاء وربما كان ذلك سببا لاختياره مختارا فيما بعد .

فارس ونجود ،كلمتان تتوسطان الشاشه مع صوت ربابه ، لا أحد هنا يقرأ سوى ذيب ولكنهم يعرفون تماما ماذا تعني هذه الكلمات ..

الصمت يخيم على الحارة ،ومساحة الزمن متاحة فقط للصندوق الصغير ليبوح بكل ما لدية ، فارس ما زال حيا والرصاصة لم تصيبة ، ثمة فرح ارتسم على وجوه أهالي الحي ،وأم فتحي راحت تدير قهوتها على الحضور .

أبو عدنان صاح بأعلى صوته :الله أكبر فيما قال صوت آخر محدثا الصندوق : الله محيي أصلك ، ذيب صاح بأعلى صوته :يا ناس اسمعوا بعدين معكو؟!

الصمت يخيم على المكان مرة أخرى ، لا ادري أن كان هو الخوف من ذيب أم هو الفضول الذي يلاحق التلفاز، جاء الفرج مع الإعلانات التجارية .

أم فتحي تطلب من إحدى بناتها الإسراع في عمل إبريق شاي كبير قبل بدء المسلسل ، فيما كان أهالي الحي يستمعون إلى تحليل ذيب للموقف وتوقعاته فيما إذا كان فارس سيتزوج من نجود الجميع ينصتون جيدا خاصة أن كلام ذيب جاء ضمن ما يحب أن يسمعوه وليس هناك مفارقات مؤلمة…

ما بعد إبريق الشاي انتهت الحلقة ولم ينتهي المسلسل ،وعلى أم فتحي أن توفر البطارية ليوم غدا ،

انتهت مساءات حارتنا وكل منا غادر المكان بحصته من الفرح ،،،،

في صباح اليوم التالي كانت صفارات الإنذار في الكرك تبوح بخطر قادم ،الطائرات الإسرائيلية تحلق في سماءات الوطن استعدادا لقصف ما .

أهالي حارتنا ، يحملون ما تيسر لهم من الأشياء للاختباء في مغارة الحج اشتيان ،هنا سيتقاسمون الموت كما تقاسموا الفرح في حوش أم فتحي ،،،،،،(حرب 73)

صباح الخير خالتي أم فتحي ……..

ما زالت أم فتحي تتقن تماما توزيع الفرح على سكان حارتنا بالتساوي