+
أأ
-

عمر عليمات : حرب غزة والحلقة المفقودة

{title}
بلكي الإخباري

كشفت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية عن خطة إسرائيل للحرب في غزة، والتي تتضمن عملية برية عالية الكثافة لبضعة أشهر، فيما تستمر بعد ذلك بوتيرة أقل حتى أواخر العام 2024، بحيث تستقر بعدها في القطاع.الخطة الإسرائيلية والاستعداد لحرب طويلة في غزة تغذيها عوامل عديدة، في مقدمتها وضع بنيامين نتنياهو الداخلي، فهو معني تماماً بإطالة أمد الحرب لتجنب مرحلة موته السياسية المحتوم، فاليوم التالي لانتهاء الحرب سيكون بداية معركته القصيرة والخاسرة مع الإسرائيليين، وهو يدرك كذلك أن وقف الحرب يعني انفراط عقد تحالفه مع اليمين المتطرف وسقوط حكومته، وهذا ما يؤكد أنه ذاهب حتى النهاية في هجومه على غزة مهما كان الثمن.الموقف الأمريكي ومعه بعض الدول الكبرى يعطي مساحة كبيرة لنتنياهو لتنفيذ هذا المخطط، فالكل يتحدث عن هُدن إنسانية وممرات آمنة للمساعدات، ولكن لا أحد تجرأ حتى اليوم على نطق كلمة وقف الحرب، وهذا ما يستغله نتنياهو، المعروف بأساليبه والعابه التي مكنته من أن يصبح رئيس الوزراء الأطول بقاء في السلطة، إذ سيذهب بعيداً في غزة لتحقيق شيء ما قد يجنبه غضب الإسرائيليين ومواجهة كل تبعات فشل سياساته.إسرائيل ماضية بخططها الرامية إلى التوغل جنوباً وهي تسعى لتقليص المساحة القابلة للعيش في غزة وحشرها في إطار ضيق على الحدود المصرية، والضوء الأخضر الأمريكي ما زال يمثل غطاء قوياً للحرب، رغم كل التصريحات التي تتحدث عن ضغوط واشنطن للتخفيف من تأثر المدنيين في الجنوب، إلا أنها تواصل ذات السياسة المطالبة بالممرات الإنسانية والمساعدات دون إي إشارة لوقف الحرب.طول أمد الحرب سيكون له تبعات إقليمية لا يمكن تجاهلها، وارتداداتها السلبية ستعاني منها كثير من دول المنطقة، هذا إذا لم يتطور الوضع ليذهب الجميع إلى ما هو أسوأ، خاصة وأن الضفة الغربية ورغم وضعها الحالي إلا أنها جبهة مفتوحة على كل الاحتمالات، والاحتقان الذي تشهده قد ينفجر في أي لحظة.الغلو الإسرائيلي المحكوم بعقلية اليمين المتطرف الذي لن يشبع من قضم الأراضي الفلسطينية حتى يبلعها كاملة غلو مفهوم ومُعلن ولكن ما هو غير مفهوم الانجرار الأمريكي ونوعاً ما الأوروبي وراء ذلك، فرغم ربط البعض بين الانتخابات الرئاسية الأمريكية وموقف واشنطن من الحرب إلا أن هذا المبرر لا يصمد كثيراً في ظل التطورات الجارية التي يشهدها العالم وخاصة الرأي العام الدولي، وما سيترتب على طول أمد الحرب من هزات عنيفة قد تضر بمصالح أمريكا في المنطقة.هناك حلقة مفقودة في كل ما يجري، فالكل يرى بأن توابع الحرب لن تقف عند حدود غزة، والعالم مقتنع أن الأهداف التي وضعها نتنياهو لا يمكن تحقيقها فعلياً، وأنه يقاتل من أجل تأخير موته السياسي، ولكن في ذات الوقت وعلى أرض الواقع لا أحد يلجم الجنون الإسرائيلي وإبادته الجماعية لسكان غزة، وكأن ضوءاً أخضراً أُعطي لإسرائيل لتنفيذ مخططاتها، والسير فيها دون خوف من أي عواقب دولية أو ضغوط حقيقية، باستثناء التصريحات الممجوجة بخصوص حماية المدنيين.باختصار، إسرائيل ذاهبة إلى جر الجميع إلى الحافة، ولديها خطط جاهزة لفرض الأمر الواقع، لتحدد بعد ذلك مصير غزة بما يتوافق ومصالحها، والتنديد والإدانة الدولية ليست أكثر من ذر للرماد في العيون، فرغم كل ما يحدث ما زال وقف إطلاق النار قضية محرما تداولها والحديث عنها، وهذا ما يعني أن مخططاً ما يراد له أن يكتمل، وبعبارة أصح فإن المياه تجري من تحت الجميع لغاية في نفس يعقوب. ـ الدستور