+
أأ
-

بشار جرار : من يشرب من بحر غزة؟

{title}
بلكي الإخباري

وكأن التاريخ يعيد نفسه، حتى تعود مأساة غزة بذاكرتنا إلى وعيد أول رؤساء دولة فلسطين المنظورة، رئيس منظمة التحرير ومؤسس كبرى فصائلها-فتح- الراحل ياسر عرفات: الليموش عاجبه (بالجيم المصرية) يشرب من بحر غزة أو البحر الميت!أحيل الراغبين بالتأمل بسياقات وتواريخ استخدام ذلك الوعيد بصيغتيه -البحر الميت وبحر غزة- إلى غوغل، فكثير من تلك الفيديوهات لم تجد طريقها -لسبب أو لآخر- لأرشيف يوتيوب. لكن قضية ارتهان شعب بأسره بمصير عمليتين عسكريتين «طوفان الأقصى والسيوف الحديدية»وبين أي معسكرين خاصة غير متكافئين، دائما تثير هذه القضية الرأي العام وتستقطب المتحمسين -سيما العقائديين- بين مؤيد ومعارض، وبين -وهذا هو الأهم- توجيه أصابع اللوم لطرف بعينه أوحتى الأطراف كافة.أيام حصار بيروت في ثمانينيات القرن الماضي – وقد كان أول قصف وأول حصار تتعرض له عاصمة عربية – انتهت تلك الصولة والجولة من سلسلة حروب لا تكاد تتوقف لأكثر من بضع سنوات، انتهت بانسحاب يحول دون تعريض المدنيين للإبادة، جراء استمرار المعارك.كانت الوساطة والحماية وبكل تفاصيلها اللوجستية، أطلسية-عربية (بقيادة مصر الشقيقة الكبرى)، تم بعدها توزيع الفصائل الفلسطينية من فتح وشعبية وديموقراطية وفصائل أخرى على مجموعة من الدول العربية من بينها اليمن، الذي كان في ذلك الزمان يمنين شماليا وجنوبيا كما يوشك أن يصير رسميا، في حال بقاء الحوثي في صنعاء، والتغاضي عن تحالفات «إخوان» اليمن مع الأطراف الوطنية والإقليمية المتناحرة على مضيق باب المندب وما في اليمن السعيد من خيرات وفرص واعدة.بعد الكشف عن نية إسرائيل إغراق خمسمئة كيلومتر من أنفاق حماس بمياه بحر غزة، من البديهي انقسام طرفي الحرب وكل من يدعمهما حول تفسير وعيد «أبو عمار» ومن ألقابه المحببة إليه وإلى مؤيديه «الختيار» وهو الذي لم تقدم السلطة ولا المنظمة ولا حماس حتى الآن قتلته إلى العدالة لا الدولية كما وعدت، ولا الفلسطينية أيضا. تراه من سيشرب من بحر غزة؟: رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو الذي تعهد مواصلة الحرب حتى القضاء على حماس وأي تهديد في القطاع؟ أم قادة حماس والقسّام في الداخل يحيى السنوار ومحمد الضيف؟ أم الخارج، خالد مشعل وإسماعيل هنية وموسى أبو مرزوق؟ أم أن طوق النجاة سيكون هذه المرة أطلسيا وربما بما وصف قبل نحو سنة بالناتو العربي، فيعيد التاريخ نفسه، ويتم تبييض السجون وتحرير الرهائن مقابل خروج آمن ونصر إعلامي لحماس باتجاه حوثي اليمن -وهما فريق واحد على الأقل في نظر طهران ومناوئي نظام الملالي فيها؟ هل سيسبق هذا السيناريو اقتتال داخلي وانشقاق كما جرى في معارك طرابلس شمال لبنان بعد انسحاب بيروت عندما أبرق الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي لعرفات: بكلمة واحدة هي «انتحروا» ودعم بعد ذلك الانشقاق ضد عرفات جراء انسحابه بعد قصف وحصار لا مثيل له إلا ما يجري في غزة منذ شهرين؟توتير المشاعر الدفينة كما الجمر منذ سنين، وتأزيم الشقاق الفتحاوي-الحمساوي خاصة في الضفة، سيبلغ نقطة اللاعودة فور استلام رام الله سلطة غزة. فإن وقع الاقتتال الفلسطيني الفصائلي الداخلي، من سيلام على ترويع المدنيين وتهديد الجوار الإقليمي وسلامة الملاحة البحرية في البحرين الأحمر وربما الأبيض أيضا؟ وما تعنيه واشنطن بسلطة فلسطينية «متجددة» قادرة على حكم الضفة والقطاع، وصولا إلى دولة فلسطينية «منزوعة السلاح»؟اللهم المدنيّون الأبرياء، في حفظك ورعايتك دائما وأبدا.. ــ الدستور