+
أأ
-

الطراونة يكتب ، على مشارف المئوية الثانية للدولة الأردنية.

{title}
بلكي الإخباري

د . ابراهيم الطراونة





يقف الاردن امام مفترق طرق شديد الخطورة، لا يقل حساسية عن المرحلة التي سبقت تأسيس المملكة من حيث الظروف الدولية والتحديات الداخلية.





وكان الأردن ولا يزال، يدفع فاتورة أزمات لا ناقة له فيها ولا جمل، تجسد ذلك في صراعات الانظمة المحيطة، وفي المؤامرات التي حيكت ضد الأمة العربية، وفي فشل مشروع الوحدة العربية، وفي الاضطرابات والصراعات الإقليمية، وفي حروب الردة الحديثة المتمثلة بأطماع الخوارج.





وحتى حين بدأت المملكة في التقاط أنفاسها، فُجرت ثورة الربيع العربي بما لها وما عليها، وتعمق الصراع الطائفي، وتبدلت التحالفات، وتغيرت الأولويات، ولم يكن هناك خاتمة تليق بما سبق من ويلات سوى جائحة كورونا، التي سيطرت على نظام الحياة في هذا الكوكب.





لكن، ثمة إيجابية وسط هذا السواد المتوالي عبر العقود، إيجابية لمسناها باختبار متانة أساس هذا البلد العظيم، إذ لم يكن لأي دولة في العالم، أن تصمد أمام العواصف والزلازل السياسية والاقتصادية والأمنية إلا إذا كان بنيانها قائم على أساس صلب وراسخ.





والفضل هنا يعود للآباء الأوائل المؤسسين، الذين أرسوا قواعد الدولة بإخلاص وصدق وإيمان بشرعية وطنهم ونظامه، ولم يكتروا للصعاب والتحديات ولم ييأسوا لقلة الامكانيات أو شح الثروات. كانوا ببساطة يحلمون بوطن عظيم ولم يستسلموا حتى صار ما أرادوه.





بعد ١٠٠ عام من الصمود، لا يستحق منا هؤلاء مكافأة خير من تتبع خطاهم، وصون ارثهم وتعزيز منحزاتهم، وأيا تكن صعبة الظروف التي نعيشها اليوم فلن تكون بصعوبة الظروف التي عاشها المؤسسون، فتخيلوا معي لو أنهم استسلموا للظروف!! أنا شخصيا لا أريد أن تخيل ذلك، اذن ماذا سيقول احفادنا بعد ١٠٠ عام، كيف سينظرون إلينا؟ أي وطن سنورثهم إياه؟ أي وطن سيحتفلون بمئوية الثالثة؟





*من جهة أخرى، هل يستحق منا ملوك بني هاشم أقل من الوفاء، وهم الذين قادوا مسيرة البناء لهذا الوطن، وجعلوا منه رقما صعبا في عالم لا يحترم إلا الأقوياء، وصار مثالا للاعتدال والحكمة والنجاح في تخطي الصعاب والسير بخطى ثابتة وسط الألغام!





وهل يستحق منا الملك عبدالله الثاني، غير الإيمان بهذا الوطن ومستقبله، وهو الذي واصل الليل بالنهار، ليحافظ على الأردن وأبنائه ومسيرة التجديد، متمسكا بهويته السياسية ومواقفه القومية التي ما حاد عنها يوما، فكان خير خلف لخير سلف.*





غاية القول، بعد نحو شهرين، ثمة استحقاق دستوري، يتمثل بانتخاب مجلس نيابي جديد، بيدنا فقط رسم ملامحه، وبيدنا فقط تحديد شكل مستقبل الوطن الذي نحلم به، وبيدنا فقط ننتصر على كل الظروف ونجعل من التحديات فرصا للنهوض بشعب يستحق العيش الكريم والحرية والأمان.، شريطة أن ننفض غبار اليأس والاستسلام، ونفرض إرادتنا بمشاركة واسعة، وأن نحسن الاختيار حتى لا نندم حيث لا ينفع الندم.





وسيبقى الأردن غايتنا.