+
أأ
-

النائب هدى نفاع تكتب :المرأة الأردنية والمجالس البلدية: مشاركة تتقدّم ولكن!

{title}
بلكي الإخباري

 

النائب هدى نفاع / مساعد رئيس مجلس النواب 

لم تعد مشاركة المرأة الأردنية في الحياة العامة مجرد شعار يُرفع في المحافل، بل أصبحت واقعًا ملموسًا تُثبت فيه حضورها، رغم التحديات. في المجالس البلدية، تحديدًا، تمكنت المرأة من كسر الكثير من الحواجز والوصول إلى مواقع صنع القرار المحلي. ومع ذلك، فإن هذا الحضور، وإن كان خطوة في الاتجاه الصحيح، لا يزال أقرب إلى التمثيل الشكلي منه إلى التأثير الفعلي. فالواقع يكشف أن الطريق نحو مشاركة حقيقية وفاعلة لا يزال محفوفًا بالعقبات الثقافية والتشريعية والتنظيمية، ويحتاج إلى إرادة سياسية وتعديلات هيكلية تضمن للمرأة دورًا لا يُختزل في الكوتا، بل يُترجم إلى نفوذ ملموس في إدارة الشأن العام.

تقدم ملموس في التمثيل المحلي

يمكن القول إن ما حققته المرأة الأردنية في الانتخابات البلدية يشكل تقدمًا ملموسًا. فقد كفل قانون البلديات لها مقاعد مخصصة (كوتا) لضمان تمثيلها، حيث ينص القانون على أن تضم كل وحدة محلية امرأة واحدة على الأقل في عضويتها. ووفقًا لذلك، وصلت نسبة النساء في بعض المجالس المحلية إلى ما يقارب 32%، كما في محافظة جرش مثلًا.

وفي انتخابات 2013، فازت النساء بـ36% من مقاعد المجالس البلدية، أي ما يعادل 345 مقعدًا من أصل 961، متجاوزات بذلك نسبة الحصة المخصصة لهن (25%)، في مؤشر واضح على التحسن النسبي في تقبّل المجتمع لدور المرأة السياسي، وقدرتها على الفوز خارج نظام الكوتا.

الفجوة بين التمثيل والمشاركة الفاعلة

ورغم هذه المؤشرات الإيجابية، إلا أن واقع المرأة داخل المجالس البلدية لا يعكس دائمًا تمثيلًا فعّالًا أو قدرة حقيقية على التأثير في مسار السياسات المحلية. لا تزال العديد من النساء المنتخبات يعانين من محدودية الدور، سواء بسبب الثقافة الذكورية السائدة، أو نتيجة ضعف التمكين السياسي والمالي، أو حتى بسبب التمييز غير المعلن داخل المجالس نفسها.

أظهرت دراسات ميدانية أن عددًا من النساء العضوات يجدن أنفسهن في موقع رمزي فقط، دون أن يُستشرن في القرارات المهمة أو تُمنح لهن ملفات حيوية. كما أن نقص الخبرة الإدارية، وعدم توفر تدريب ممنهج قبل وأثناء الدورة الانتخابية، يساهم في تقليص فاعلية أدائهن.

الحاجة إلى تعديلات هيكلية وحوافز تشاركية

إن معالجة هذا الاختلال لا يمكن أن تعتمد فقط على أرقام التمثيل. فلكي تكون مشاركة المرأة حقيقية ومؤثرة، يجب تبني مجموعة من الإصلاحات الهيكلية التشاركية، أهمها:

رفع نسبة الكوتا إلى 30% على الأقل في المجالس البلدية والتنفيذية، وإدماجها

تمكين النساء سياسيًا واقتصاديًا، من خلال دعم الحملات الانتخابية للمرشحات، وتوفير التدريب والتأهيل أثناء فترة العضوية.

مراجعة الثقافة المؤسسية للمجالس لضمان شراكة متوازنة في اتخاذ القرار، والتصدي لأي تهميش ممنهج أو غير مباشر.

تبني برامج توعية على مستوى المجتمعات المحلية لرفع الوعي بأهمية دور المرأة في الحكم المحلي والتنمية.

إقرار قوانين تحمي المرأة من العنف السياسي، بما في ذلك التحرش أو الضغط الاجتماعي الذي يعيقها عن الترشح أو المشاركة الحرة.

نحو شراكة حقيقية في التنمية المحلية

المرأة ليست رقم في لوحة الشرف الانتخابية؛ بل هي فاعل أساسي في تطوير المجتمعات المحلية، خاصة وأنها الأكثر التصاقًا بالهموم اليومية للمواطنين في قطاعات التعليم، الصحة، البيئة، والبنية التحتية. إن إشراكها الحقيقي في إدارة الشأن المحلي لا يُعد مكسبًا للنساء فقط، بل هو ضرورة وطنية للتنمية المستدامة الشاملة.

ختامًا، لقد خطت المرأة الأردنية خطوات مهمة في التمثيل المحلي، ولكن المطلوب اليوم هو تحويل هذا التمثيل إلى نفوذ حقيقي ومشاركة مؤثرة. وهذا لا يتحقق إلا إذا توافرت الإرادة السياسية، والتغييرات القانونية، والدعم المجتمعي والثقافي، نحو بيئة تحترم تكافؤ الفرص وتؤمن بأن المرأة ليست "مشاركة شكلية"، بل شريكة كاملة في بناء الوطن.