+
أأ
-

الدكتور أسيد مطر يكتب : "طالب جامعي؟ هكذا تصبح رياديًا ومبتكرًا"

{title}
بلكي الإخباري

 

في زمن يتسارع فيه كل شيء، لم يعد النجاح ينتظر من يجلس في مكانه منتظرًا “الفرصة المناسبة”. العالم اليوم يفتح أبوابه لمن يجرؤ على الحلم، لمن يبتكر، لمن يصنع طريقه بيده حتى لو لم يكن الطريق واضحًا بعد. حاليًا، نعيش في عالم لا يعترف بالانتظار، بل بالمبادرة، وفي هذا العالم تُعدّ الريادة والابتكار البوصلة الجديدة لكل من يريد أن يكون مؤثرًا بحق.

الريادة ليست مجرد مشروع تجاري أو فكرة رقمية لامعة، بل هي أسلوب تفكير وطريقة حياة. أن تكون رائدًا يعني أن ترى في كل مشكلة فرصة، وفي كل صعوبة طريقًا جديدًا، وفي كل فشل درسًا يقودك نحو إنجاز أكبر. الطالب الريادي لا يرضى بأن يكون متلقيًا للمعرفة فقط، بل يسعى لأن يصنع منها شيئًا جديدًا يضيف للحياة قيمة. الريادة تبدأ عندما تسأل نفسك: كيف يمكنني أن أقدّم شيئًا لم يُقدّمه أحد قبلي؟

أما الابتكار فهو لغة المستقبل التي يجب أن يتقنها كل شاب جامعي. في زمن الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، لا يكفي أن تتعلم ما كُتب في الكتب، بل عليك أن تُضيف سطرًا جديدًا إليها. الطالب المبتكر لا ينتظر التعليم ليتحرك، بل يتعلم ليتحرك. يبدأ من فكرة صغيرة في مشروع جامعي، فيحوّلها بخياله وإصراره إلى منتج، أو مبادرة، أو حتى شركة ناشئة تُحدث أثرًا حقيقيًا في المجتمع.

الفرص لا تأتي من فراغ. هي تُصنع بالعقل المتوقد، وبالإرادة التي لا تكلّ. في الجامعة نفسها تكمن آلاف الفرص، لكنها تحتاج إلى عينٍ ترى وأملٍ يتحرك. المشاركة في مشروع، التطوع في نشاط طلابي، الانخراط في تدريب عملي، أو حتى العمل على فكرة مع زملائك، كلها خطوات صغيرة تصنع الفرق الكبير. في كل تجربة، هناك مهارة جديدة، وشبكة علاقات جديدة، ودروس حقيقية لا يمكن أن تتعلمها من الكتب.

النجاح لا يرتبط بالمعدل وحده، بل بطريقة تفكيرك حين تتعثر، وبقدرتك على تحويل الموقف الصعب إلى بداية جديدة. الطالب الناجح هو الذي يصنع من فشله طاقة، ومن خطئه دافعًا، ومن تردده فرصة للتطور. النجاح لا يأتي صدفة، بل يُبنى بالصبر، والإصرار، والإيمان بأنك قادر على أن تكون مختلفًا.

الريادة ليست حلمًا بعيدًا، بل قرار يبدأ اليوم. قرار أن تؤمن بنفسك، أن تبادر بفكرتك، أن تبحث بدل أن تنتظر، وأن تبدأ مهما كانت الخطوة صغيرة. كل فكرة عظيمة كانت في بدايتها مجرّد محاولة، وكل رائد ناجح كان في يومٍ ما طالبًا مثلك، لم يملك إلا إيمانًا قويًا بأن النجاح يصنعه الإنسان لا الظروف.

تذكر دائمًا أن الجامعة ليست نهاية الطريق، بل بدايته. هي المكان الذي يُفترض أن تكتشف فيه نفسك، لا أن تحفظ فيها المقررات فقط. استثمر وقتك فيها لتبني شخصيتك المهنية، لتكوّن شبكة علاقاتك، ولتتعلم كيف تحوّل المعرفة إلى إنجاز. حين تخرج من الجامعة، لا تسأل: “من سيوظفني؟” بل اسأل: “ما الذي يمكنني أن أخلقه؟”.

الريادة ليست امتيازًا لقلة مختارة، بل حق لكل من يملك الجرأة على المحاولة. العالم لا يحتاج إلى مزيد من المقلدين، بل إلى شباب يجرؤون على التفكير المختلف، إلى طلبة يؤمنون بأن الفكرة الصغيرة قد تغيّر الحياة كلها. النجاح ليس أن تصل إلى القمة، بل أن تستمر في الصعود رغم كل العقبات.

أيها الطالب الجامعي، لا تنتظر أن تُفتح لك الأبواب، بل اصنع بابك بنفسك. لا تنتظر أن تُقال لك الكلمات التي تحفزك، كن أنت مصدر الحافز لنفسك. ابدأ من اليوم، مهما كانت الفكرة بسيطة، ومهما بدا الطريق طويلاً. لأن كل نجاح في العالم بدأ بخطوة، وكل قصة عظيمة بدأت من حلمٍ صغير صدّق صاحبه أنه ممكن.