م. محمد الحواتمة : الأردن من العقبه إلى روما ولندن .. حضور مؤثر

المهندس محمد العمران الحواتمة يكتب :
في مشهد سياسي مزدحم بالتحديات يواصل الملك عبدالله الثاني بن الحسين ترسيخ حضور الأردن كقوة مؤثرة في الإقليم والعالم . في الامس ، شهدت العاصمة الإيطالية روما لقاءً مهماً جمع الملك برئيسة الوزراء جورجيا ميلوني ، حيث ناقش الطرفان تنفيذ اتفاق غزة وضمان إيصال المساعدات الإنسانية وضرورة التوصل إلى سلام دائم قائم على حل الدولتين . وأكد الملك أن السلام لا يصنع على أنقاض الأبرياء ، وأن السكوت على المأساة جريمة أخلاقية ، مؤكداً أن العدالة الإنسانية هي الأساس لأي حل مستدام .
وفي اليوم نفسه ، التقى الملك بالرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا في قصر كويرينالي التاريخي ، حيث جرى بحث سبل توسيع التعاون بين عمان وروما في مجالات الاستثمار والتجارة والثقافة والدفاع . كان اللقاء رسالة واضحة بأن الأردن لا يكتفي بردود الأفعال ، بل يبني شبكة علاقات دولية راسخة تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة . لم يكن حضور الملك في روما مجرد زيارة رسمية ، بل تجسيداً لمكانة الأردن في السياسة الدولية . كل خطاب للملك ، وكل لقاء مع زعيم عالمي ، يعيد تأكيد أن عمان لا تتحدث فقط بإسمها ، بل باسم المنطقة التي تبحث عن صوت عاقل وسط ضجيج المصالح .
وبينما كان الملك يمارس دوره في المحافل الدولية ، كان سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني يسير بخطى واثقة على نهج والده ، ممثلاً الأردن في ميادين الدبلوماسية الحديثة . فاليوم ، قام سموه بزيارة رسمية إلى المملكة المتحدة وويلز ، التقى خلالها ولي ويلز الأمير وليام في قاعدة RAF Benson الجوية في أوكسفوردشاير . ركز اللقاء على التعاون العسكري والتبادل المعرفي ، وعكس صورة الأردن الشاب ، المنفتح ، الواثق من ذاته ودوره العالمي . وفي اليوم نفسه ، شارك سموه والأميرة رجوى الحسين في اجتماع رسمي داخل قصر وندسور ، بحضور الأمير وليام وزوجته الأميرة كيت وهو ما عكس متانة العلاقات بين العائلتين الملكيتين الأردنية والبريطانية وصورة مشرقة لأردن حديث يحاور العالم بلغة الاحترام والتأثير .
ما يميز المشهد الأردني اليوم هو هذا التناغم العميق بين جلالة الملك وسمو ولي العهد . الملك يقود الدبلوماسية برؤية الدولة وولي العهد يتقدم برؤية المستقبل . الأول يضع الأسس ، والثاني يمدها بالطاقة والروح الجديدة . في كل تحرك وفي كل لقاء ، تظهر وحدة النهج وتكامل الأدوار ، حيث تتحول القيادة إلى منظومة عمل متناسقة تجمع بين الخبرة والحيوية . هذا التماسك ليس صدفة ، بل نتيجة تخطيط استراتيجي طويل الأمد . الأردن يعمل على ترسيخ صورته كصوت متزن في العالم ، يقود الحوار لا التوتر ويدافع عن القيم لا المصالح . مع كل زيارة وكل لقاء ، يزداد هذا الصوت وضوحاً وتأثيراً في المحافل الدولية .
من روما إلى لندن ومن العقبة إلى نيويورك ، يبقى الأردن حاضراً في كل حوار دولي عن السلام والأمن . الملك عبدالله الثاني لا يتحرك بحثاً عن ضوء ، بل يصنعه . وولي العهد يسير على خطاه بخطوات واثقة ، يرسخ حضور جيل جديد يحمل الرسالة ذاتها أن خدمة الوطن ليست شرفاً مؤقتاً ، بل مسؤولية تمتد عبر الأجيال . الصوت الأردني اليوم عالٍ في كل المحافل يحمل رسالة واضحة ان الأردن لا يتراجع ، لا يتبدل ولا ينسحب من المبدأ .
في عالم تتقاطع فيه المصالح وتتناقض فيه المواقف يظل الأردن بقيادته الهاشمية نموذجاً في الثبات والوعي والمسؤولية . الملك عبدالله الثاني يبني السياسة بالعقل والرؤية وولي العهد الحسين يحمل الشعلة بالعزيمة والإيمان . ومن روما إلى وندسور ، ومن المحافل الدولية إلى وجدان الشعب يثبتان أن القيادة ليست سلطة بل رسالة . رسالة عنوانها أن الأردن أكبر من المساحة ، وأعظم من الظروف وأقوى من كل رياح التغيير



















