محمد علي الزعبي يكتب : عمر العياصرة .. ضمير حيّ وصوت الوطن في زمن التحولات

في زمنٍ تتكاثر فيه الأصوات وتختلط فيه المواقف، يبقى الدكتور عمر العياصرة واحدًا من القلائل الذين يحتكمون إلى الضمير قبل المنصب، وإلى الوطن قبل المصلحة، وإلى الفكرة قبل الشعارات. رجلٌ لا يتحدث من فراغ، ولا يخوض النقاش إلا من موقع الإيمان العميق بدولةٍ أرادها الهاشميون منارةً للوعي والاعتدال. العياصرة ليس شخصاً عاديًا في اروقة مجلس الامة ، بل حالة فكرية وسياسية متقدّمة، تُعبّر عن وعيٍ وطنيٍ ناضج، وموقفٍ أخلاقيٍ ثابتٍ تجاه ما يمرّ به الأردن والمنطقة. كل كلمةٍ يقولها تخرج بوزنها، وكل موقفٍ يتبناه ينبع من رؤيةٍ تحافظ على الدولة وتقرأ الواقع بعينٍ يقظةٍ لا تساوم على الثوابت. حديثه عن الإقليم والمنطقة لا يأتي من باب التحليل العابر، بل من إدراكٍ عميقٍ لحجم التحوّلات ومخاطرها. فهو يدرك أن المنطقة تُعاد صياغتها سياسيًا وأمنيًا، وأن الأردن يقف وسط العاصفة بثباتٍ استثنائي، بفضل قيادته الحكيمة ورسوخ مؤسساته. ومن هنا جاءت مواقفه الداعمة لسياسة الدولة الخارجية التي توازن بين الثوابت القومية والمصالح الوطنية دون أن تنزلق نحو المحاور أو الاستقطابات. وفي الشأن الداخلي، يمارس العياصرة بمسؤوليةٍ وشجاعة، ناقدًا حين يجب، ومدافعًا حين يتطلب الموقف، جامعًا بين الواقعية السياسية والمبدأ الأخلاقي. خطابه لا يقوم على المعارضة من أجل الظهور، بل على الطرح البنّاء الذي يعالج القضايا لا يكتفي بوصفها، يتحدث عن الإصلاح كضرورة وجودية للدولة، ويرى أن تجديد الحياة السياسية لا يكون بالضجيج، بل بالإيمان بالمسار الوطني ومراكمة الثقة بين المواطن ومؤسساته. ما يميّز العياصرة هو أنه ينتمي إلى مدرسة الفكر لا إلى مدرسة الاصطفاف، يقرأ الواقع الإقليمي بلغة الباحث، ويتعامل مع التحديات الوطنية بعقل رجل الدولة، متسلحًا بالوعي والصدق والجرأة، حديثه عن الأردن يفيض انتماءً، وعن الإقليم يفيض بصيرةً، وعن الأمة يفيض إيمانًا بالمستقبل. لقد فرض العياصرة نفسه كصوتٍ وطنيٍ مخلصٍ لا يتبدّل موقفه بتبدّل الظروف، يتحدث بثقة، يحلل بعمق، ويقف في كل محطة على مسافة واحدة من الحقيقة والحق، في زمنٍ كثر فيه الغبار على المواقف، بقي هو الصوت الواضح الذي يذكّر بأن الأردن فكرةٌ راسخة لا تتبدل، وبأن الوطنية التزامٌ لا ادعاء. إنّ حضور الدكتور عمر العياصرة في المشهد السياسي والإعلامي هو حضور للعقل الأردني الموزون، والفكر النيّر، والطرح المسؤول، وهو نموذج للرجل الذي اختار أن يكون جسرًا بين الوعي الشعبي والرؤية الرسمية، وأن يمارس السياسة بأخلاق المثقف، والمواطنة بضمير المخلص. ويبقى العياصرة واحدًا من أبرز العناوين التي تعبّر عن أصالة الموقف الأردني، وعن جيلٍ يؤمن أن الكلمة موقف، وأن الفكرة رسالة، وأن الوطن أغلى من كل المكاسب



















