كنان مبيضين يكتب :- الاحزاب و الشباب في الاردن: الديكور السياسي.

من حيث المبدأ، لا يمكن لأي حزبٍ سياسي أن يتحدث عن المستقبل دون أن يضع الشباب في قلب معادلته.
لكن ما نراه اليوم في المشهد الحزبي الأردني يُظهر تناقضا مؤلما بين الخطاب والممارسة.
فالكثير من الأحزاب تتغنى بدور الشباب في بياناتها ومؤتمراتها، وتضع صورهم على الصفحات الأولى، لكنها في العمق لا تمنحهم سوى مساحة شكلية لا تتجاوز “الديكور السياسي”.
في بعض الأحزاب الكبيرة، تحول الشباب إلى مجرد أرقام على الورق يُستعرض بهم في الحملات الإعلامية أو المؤتمرات الوطنية على أنهم “الجيل الجديد”، بينما الواقع مختلف تماما.
يُختار من يمثل الشباب في اللجان التنفيذية أو اللقاءات الرسمية ليس على أساس الكفاءة أو النشاط، بل على أساس النسب والانتماء العائلي؛ أبناء فلان، أحفاد فلان، وأقارب أصحاب النفوذ داخل الحزب.
يُلبسونهم أفضل الملابس، ويُقدمونهم كصورة براقة عن شباب الحزب، لكن هؤلاء غالبًا لم يقدموا شيئا فعليًا للحزب أو للوطن سوى أسمائهم.
وفي المقابل، هناك فئة أخرى من الشباب الشباب الحقيقيين، الميدانيين، الواعين يعملون بصمت في المحافظات، يقودون مبادرات، يكتبون الأفكار، يحاولون تطوير الخطاب الحزبي، لكنهم لا يُمنحون حتى ٢٪ من الفرص التي تُمنح لأبناء الوجاهة.
يُقال لهم دائمًا إنهم “بعمر صغير” أو “يفتقرون إلى الخبرة”، وكأن الخبرة تُورَّث بالاسم لا تُكتسب بالعمل.
هذه الظاهرة لا تُضعف فقط دور الشباب داخل الأحزاب، بل تقتل روح الانتماء الحزبي، وتحول الفكرة من مشروع وطني إلى نادٍ اجتماعي مغلق.
وعندما يشعر الشباب بأن الطريق للتمثيل يمر عبر العلاقات لا الكفاءات، فإن الحزبية تفقد معناها، وتتحول من وسيلة للتغيير إلى وسيلةٍ للزينة السياسية.
لكن رغم كل ذلك، لا يمكن إنكار أن هناك نماذج حزبية شبابية صادقة بدأت تظهر في بعض الجهات، تؤمن بالعمل الجماعي لا بالوراثة السياسية.
وربما هنا يكمن الأمل أن تنشأ أحزابٌ جديدة تعتمد على الفكر لا الاسم، وعلى الفعل لا الصورة، وتعيد الثقة لجيلٍ يريد أن يخدم وطنه، لا أن يُستعرض.



















