الدكتورة اسمهان ماجد الطاهر تكتب : خطاب العرش السامي: رسالة وطنية للعزم والوحدة والمستقبل

يحمل خطاب جلالة الملك عبد الله الثاني في عيد العرش رسالة بالغة الأهمية للأردن في هذه المرحلة المعاصرة، حيث تناول الإصلاح السياسي والاقتصادي وتطوير الحياة الحزبية. وتبرز أهمية هذه المضامين في تعزيز المشاركة الشعبية، من خلال توسيع قاعدة المشاركة في صنع القرار وترسيخ مبادئ الديمقراطية وسيادة القانون. كما يشدد الخطاب على ضرورة تطوير مؤسسات الدولة، وتعزيز الشفافية والمساءلة، بما يضمن أن يكون البرلمان مؤسّسة حقيقية تعبّر عن إرادة الشعب وتشجع التعددية الحزبية وتفعيل الأحزاب البرامجية.
وفي سياق متصل، أكّد جلالة الملك على أهمية الحفاظ على أمن الوطن واستقراره، مشيدًا بدور الجيش العربي والأجهزة الأمنية باعتبارهم الحصن المنيع للأردن، والركيزة الأساسية في حماية مكتسباته وإنجازاته. فالجيش العربي، الذي يمتد تاريخه العريق من التضحيات والانتصارات، يجسد الإيمان العميق بالرسالة الوطنية والهاشمية، ويظلّ الجيش مستعدًا على الدوام للدفاع عن الوطن في مواجهة مختلف التحديات، لذلك يشكّل محورًا ثابتًا في خطابات قائد البلاد.
لقد حمل خطاب العرش اليوم رؤيةً شموليةً للإصلاح والتحديث، تقوم على تعزيز كفاءة القطاعات الحيوية التي تمس حياة المواطنين بشكل مباشر، كالتعليم، حيث أشار جلالته إلى أهمية جعل التعليم أكثر مواكبة لمتطلبات العصر، كما تناول قطاعي الصحة والنقل. وأعتبر النهوض بهذه القطاعات يشكل ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة وتحسين نوعية الحياة.
وقد جعل جلالته الشباب في قلب الخطاب، مؤكدًا أنهم محرك الاقتصاد الوطني وعماد المستقبل، وهم من يمتلك الطاقة، والإبداع، والقدرة على التغيير، مما يجعلهم الركيزة الأساسية لبناء اقتصاد حديث ومتنوع.
وفي نفس السياق أشار جلالته إلى جهود وانجازات سمو ولي العهد الأمير الحسين، حيث كانت تعبيرًا عن القيادة الشابة الواعدة، واستمرارية لمسيرة الدولة الأردنية بثقة وحكمة.
ويعكس تركيز جلالة الملك على ولي العهد في الخطاب رسالة هاشمية راسخة مفادها أن خدمة الوطن والمواطن ، هو نهج متجذّر تتوارثه الأجيال في القيادة الهاشمية.
خطاب جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين حمل مضامين جوهرية عن القضية الفلسطينية وما يجري في غزة، وهو محور ثابت في خطاباته، ولا سيّما في خطاب العرش، إذ إن القضية الفلسطينية بالنسبة للأردن ليست قضية خارجية، بل قضية وطنية وعربية مركزية، تمسّ الأمن القومي الأردني ومبادئ العدالة الإنسانية.
لقد كان جلالته كعادته واضحًا وحازمًا في رفضه الاعتداءات الإسرائيلية على الأبرياء في غزة، مؤكدًا أن استهداف المدنيين لا يمكن تبريره بأي حال.
اتسم خطاب جلالته بثبات الموقف السياسي في مواجهة الصمت الدولي، موكدا على أن الأردن لن يتخلى عن دوره التاريخي في الدفاع عن الشعب الفلسطيني وحقه المشروع في الحرية والدولة والاستقلال.
لقد جاء خطاب جلالته صريحًا وشفافًا في تناوله للتحديات، سواء السياسية أو الاقتصادية أو الأمنية. بمنظور شامل يوازن بين الداخل والخارج، ويحمل دعوة واضحة إلى ضرورة تحقيق الموازنة الدقيقة بين الطموح والإمكانات، وبين الثوابت الوطنية والانفتاح الإقليمي.
جلالة الملك قدم في خطابه رؤية متكاملة لمستقبل الأردن، تقوم على إصلاح سياسي راسخ يعزز المشاركة الحزبية، ونمو اقتصادي مستدام، يرتكز على طاقات الشباب والابتكار، وتمكين وطني فعّال من خلال التعليم والعمل المنتج.
هذه الرؤية الملكية لا تعبّر فقط عن برنامج إصلاحي شامل، بل تجسّد استمرارية النهج الهاشمي في البناء والتحديث، الذي يوازن بين الثوابت الوطنية ومتطلبات التطور العصري.
لقد كان الخطاب بصوتَ قائدٍ يوجّه، وأبٍ يطمئن، وزعيمٍ يرسم بخطى واثقة ملامح مستقبل وطنه وأمّته، ليؤكد أن الأردن، بقيادته الهاشمية، ماضٍ بثقة نحو غدٍ أكثر استقرارًا وازدهارًا.
a_altaher68@hotmail.com



















