+
أأ
-

فادي حسن طبيشات يكتب:- الحزب الذي نريد الأردنيون بحاجة إلى حزب يساري حقيقي لا إلى أحزاب تصفق للسلطة

{title}
بلكي الإخباري

 

 

في خضمّ الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها الأردن اليوم، تزداد الحاجة إلى صوت سياسي حقيقي يعبّر عن هموم الناس لا عن مصالح النخب. 

المواطن الأردني لم يعد بحاجة إلى حزب يرفع الشعارات ويصفق للسلطة، بل إلى حزب يساري وطني يعيد السياسة إلى معناها الأصيل: الدفاع عن العدالة الاجتماعية وكرامة الإنسان.

لقد تحوّل المشهد الحزبي في الأردن، مع الأسف، إلى ما يشبه المشهد المسرحي؛ أحزاب تُنشأ في المكاتب لا في الشوارع، تُكتب برامجها بلغة بيروقراطية لا يفهمها الناس، وتغيب عنها الرؤية الاقتصادية والاجتماعية الجذرية. 

فبينما يعاني الشباب من البطالة المتفشية، وتغرق الأسر تحت عبء الديون، وتزداد كلفة التعليم والعلاج والنقل، يكتفي معظم الأحزاب بإصدار بيانات دعم وسياسات عامة لا تمسّ لبّ المشكلة.

الحزب اليساري الحقيقي الذي يحتاجه الأردنيون اليوم ليس حزباً أيديولوجياً جامداً يرفع شعارات مكررة، بل حزباً عملياً يمتلك مشروعاً وطنياً واضحاً:

تعليم مجاني حقيقي من الروضة حتى الجامعة، لأن المعرفة ليست سلعة بل حق إنساني.

نظام صحي وطني يضمن العلاج للجميع، لا يميز بين الغني والفقير.

نقل عام لائق يربط المدن والقرى بكرامة وكفاءة، ويحرر الناس من فوضى المواصلات التي نعيشها في الاردن.

طلاب الجامعات بحاجة إلى مواصلات مريحة مجانية. لأن قطاع النقل يستنزف جيوب الاردنيبن ويسبب الأزمات المرورية الخانقة وحوادث السير ويفاقم مشكلة القروض الشخصية.  

نحتاج سياسات اقتصادية تعيد توزيع الثروة بعدالة وتكبح جشع الاحتكارات.

الأردن لا يعاني من نقص في الكفاءات أو الأفكار، بل من غياب الإرادة السياسية التي تمثل الناس لا السلطة. لهذا فإن قيام حزب يساري حقيقي (ديمقراطي اجتماعي) سيكون خطوة نحو كسر الاحتكار السياسي وإعادة التوازن إلى الحياة العامة. 

نريد حزب يرفع صوت المواطن في وجه من حولوا السياسة إلى مهنة تبرير للقرارات الحكومية.

إن اليسار المطلوب اليوم ليس يسار الشعارات بل يسار الفعل؛ يسار الميدان، الذي يقف إلى جانب المعلم والممرضة وسائق الباص والعامل والعاطل عن العمل، ويناضل من أجل تحسين شروط حياتهم اليومية، حزب يزرع الأمل بأن التغيير ممكن إذا توحد الناس حول مشروع عادل.

قد يقول البعض إن البيئة السياسية لا تسمح، وإن الأوضاع الإقليمية معقدة، لكن التجربة علمتنا أن الحقوق لا تُمنح، بل تُنتزع بالنضال الواعي والمنظم والسلمي. وإذا لم يبدأ هذا اليسار الحقيقي اليوم، فسيبقى الأردنيون أسرى دوامة الخطابات واللجان، بينما تتفاقم البطالة والمديونية والفقر.

الأردنيون يستحقون حزباً يؤمن بأن الوطن لا يُبنى بالتصفيق، بل بالمحاسبة، وبأن الولاء الحقيقي هو للمواطن، لا للكرسي.