+
أأ
-

د. حازم قشوع يكتب : المغرب وعقيدة وحدة التراب

{title}
بلكي الإخباري

د. حازم قشوع : 

من أجل تثبيت الأركان الثلاث من الدستور المغربي القائم على النظام الملكي والدين وجغرافية وحدة التراب، والمغرب منذ خمسينيات القرن الماضى يعمل من اجل وحدة ترابه حتى حصل عليها بالانسحاب الثانى للقوات الإسبانية من الصحراء المغربية سنة 75 من القرن الماضى، وعندما تم هذا الانسحاب عمدت اسبانيا على دعم قوات البوليساريو في الصحراء المغربية لتأخذ هذه القوات المناداة بالانفصال بتأييد من الاطار الاقليمي المحيط، ليس حبا بحق تقرير المصير للصحراء إنما زرع بذور فتنة بالداخل المغربي لتجعل من هذه الأرضية جزء مقايض وتفاوض الدوله المغربيه لتشمل الجزر الاستراتيجية وهي الجزر التي كانت احتلت من قبل اسبانيا ومازالت بعنوان جزيرتي "سبتة ومليله"، ذلك ليشكل هذا المحتوى في مضمونه العام ليبقى المسمار الاسبابي احد الادوات الضاغط على وحدة التراب المغربي برعاية اقليمية، لكن ارادة الشعب المغربي بالوحدة كانت أقوى من كل العناوين التي كان تستهدف الشعب المغربي ونظامه العريق.

وعلى الرغم من هذه المحاولات الإقليمية التي عملت على التدخل بوحدة الجغرافيا السياسية للمغرب، إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل نتيجه وحده الصف المغربي تجاه وحدة ترابه وإيمان الشعب المغربي بالنظام الملكي الذي يشكل للمجتمع المغربي دلالة لقدسية وحدة تجمع النظام والشعب ووحدة التراب وفى العقدة الاجتماعية الجامعة التي بينها الدستور، وهو ما جسده إعلان الزعيم الراحل علال الفاسي زعيم حزب الاستقلال بحدود المغرب السياسية من على واقع الحدود التي كانت عليها المغرب في عهد الدولة العثمانية، وهذا ما جعل من المحتوى الإقليمي المحيط يعمل على صناعة إشكالية داخلية للمغرب تستهدف في مضمونها العام عدم السماح للمغرب بالعودة مرة أخرى للحديث حول مشروع الجغرافيا السياسية الذي تحدث عنه حزب الاستقلال في حينها، هذا إضافة للحديث حول وجود منفذ حدودي على الأطلسي من خلال الصحراء.

ولعل الصحراء المغربية وموقعها الجغرافي المميز وهى والتى تمتلك ثروات كبيرة من الموارد الحيوانية والثروات الطبيعية من أهمها الفوسفات كما معادن نفيسة أخرى كانت تحتاج لخصوصية جهوية تجعلها تشكل عناوين تنموية مميزة في إطار مشروع الدوله المغربيه للجهوية، وهو ما ذهب إليه الملك محمد السادس عندما قام باعطائها عنوانا للحكم الذاتي المحلي استجابة للقرارات الدولية في هذا الصدد، كما عملت الحكومه المغربيه على إعطاء الصحراء المغربية أولوية تنموية من خلال الحكم المحلي الجهوي والتي تعرف باللامركزية السياسية لتنمية الصحراء، الأمر الذي كان له أثر واضح على عملية التطوير والتنمية الممنهجة التي تقوم عليها الحكومة المغربية بالعاصمة التنموية لإقليم الصحراء المغربية حيث مدينة العيون، كما قامت بتنظيم فعاليات سياسية مهمة فى مدينة الداخلة والتي أضحت واحدة من المدن المهمة بهذا الإقليم المميز بإرثها العريق ومكانتها المميزة كما بقية الولايات المغربية.

وبعد أكثر من ثلاثين عاما من الهدوء النسبي عادت البوليساريو لاشعال اعمال عنف عبر معبر الكركرات الموصل بين موريتانيا والمغرب والموجود على شريط حدودي طويل، حيث قام ابراهيم غالى زعيم البوليساريو باستهداف هذا الشريط الحدودى الذى لا يزيد عن عشرة كيلومترات وهو الواصل بين موريتانيا والمغرب بهدف فرض قرارات أحادية تخالف قرارات الشرعية الدولية واتفاقيات الهدنة البينية التى كانت المغرب وقعتها واحترام ما فيها من تعهدات.

الامر الذى ادى لتدخل الجيش المغربي بالقوة لفرض سيادته على أراضيه، وهو ما تم تأييده من المنظومة الأممية ونصرته اردنيا وحتى مصريا، وهذا ما جعله يعتبر تحرك عربي سياسي من أجل تحقيق السلام وتعزيز مناخات السلم الإقليمي بالمغرب العربي بعد ما تنامت التحركات الإقليمية الداعمة لحركة البوليساريو فى حينها، وهو ما اعتبر تدخل بالشأن الداخلي المغربي الأمر الذي جعل من الأردن والعمق العربي يقفون من أجل نصرة المغرب ومن أجل الحفاظ على أمن المغرب العربي وكذلك من أجل المحافظة على الامن القومى العربى واحياء المنظومة العربية لتكون اكثر تفاعل وفاعلية على مسرح الأحداث، وهو التحرك الذي أعاد إحياء الدور العربي بالمنطقة بعدما كان قد وصل لمرحلة ضعيفة التأثير على مسرح الأحداث، وهذا ما أعاد الامل للعرب بتوحيد كلمتهم بجملهم السياسية وبشر بالخير من جديد.

صحيح أن المغرب مر بخطوات عدة قبل أن يحقق استقلاله نتيجة تغير بيت القرار العالمي في مستقراته بعد الحرب العالمية الثانية، لكن ما هو صحيح ايضا ان كل محطة من هذه التحولات كان يثبت فيها المغرب وقيادته عميق قدرتهم الذاتية على تخطي كل التحديات التى مرت بها مسيرة الاستقلال، وهى التى كانت قد مرت بمحطات عدة قبل أن يحقق المغرب استقلاله من المستعمر الفرنسي والإسباني الذي يصادف يوم الثامن عشر من نوفمبر 1958 تكريما لعودة الملك محمد الخامس إلى المغرب بعد ما عاد من مدغشقر في ذلك التاريخ، وان كان الموعد الحقيقي للاستقلال كان فى الثانى من مارس 1956 حين وقع الوزير الأول امبارك البكاي على معاهدة الاستقلال النهائية التى كانت قد ألغت معاهدة الحماية الفرنسية بفاس 1912 وفى عهد محمد الخامس، وكان المغاربة يحتفلون باستقلال المغرب بهذا التاريخ الى حين اعتلاء الملك الحسن الثاني العرش سنه 1961 ليتم تحويل عيد الاستقلال ليكون بالثامن عشر من نوفمبر وهو التقاء عيد الاستقلال بعيد عرس الحسن الثاني ومنذ ذلك الحين والمغرب يحتفل بعيد استقلاله بهذا التوقيت.

ومن أجل تحقيق المغرب لوحدته الترابية التي تعتبر أحد أهم الثوابت الدستورية، فلقد دخل المغرب فى مفاوضات مع المستعمر الفرنسي والاسباني وفى عام 1956 حيث بدأ مسلسل للاستقلال لاسترجاع الجزء الشمالى من ترابه في أكتوبر من ذات العام حيث تم انعقاد مؤتمر دولي بالمحمدية نص على الغاء الوضع الدولي في طنجة و عودتها للمغرب، كما استرجع المغرب في العام 1956 منطقة طرفاية الجنوبية ثم منطقة سيدي ايفني في العام 1969 بعد مفاوضات مع المستعمر الاسباني، واستمر مسلسل الاستقلال في مسيرته حتى عام 1975 حتى أصدرت المحكمة الدولية حكما بوجود روابط البيعة بين سكان الصحراء والنظام الملكي حينها نظم الملك الحسن الثاني المسيرة الخضراء التي انتهت باعتراف اسبانيا بعودة الصحراء للمغرب، واستمرت مسيرة المغرب من أجل الاستقلال ووحدة التراب لتحقيق انجازا آخر عام 1979 تم الاعلان ان عوده وادي الذهب للنظام المغربي ليستكمل المغرب يذلك عودة أراضيه الجنوبية ولم يبقى عليه سوى سبتة ومليلية لكي يكمل المغرب مشواره الطويل بوحدة ترابه وعوده اراضيه التي أكد عليها قرار مجلس الامن الدولي الاخير الذي صدر هذا العام ليؤكد على وحدة الصحراء المغربية مع جغرافية المغرب السياسية منهيا المغرب بذلك واحدة من أصعب المراحل التي خاضها المغرب تجاه وحدة التراب المغربي الذي يعتبر جزءا من الدستور الذي يشكل العقد الاجتماعي للدوله.

ان الاردن وهو يحتفي مع المغرب باحتفالات تأكيد الشرعية الدولية على وحدة ترابه بقرار مجلس الأمن الدولي الصادر لهذه الغاية بإقراره الحل المغربي في الحكم الذاتي للصحراء المغربية فان الاردن يؤكد وقوفه مع وحدة التراب المغربي ويحتفى معه بهذا الانجاز كما يحتفي المغاربة بمنجزات استقلالهم والأردن الذى تربطه روابط متينة مع المغرب مرتبطة بإرثه التاريخي التليد وسلالته الهاشمية ذات النسب الرفيع، فان الاردن سيبقى كما كان دائما خير سند للمملكه المغربيه ويحرص على تمتين العلاقات الدبلوماسية الأردنية المغربية التى تجسدت فى عام 56 بافتتاح السفارة المغربية بعمان وما قبلها بافتتاح السفارة الاردنية بالرباط قبل ثلاث سنوات، وهذا ما يدل على عمق الروابط الهاشمية ومتانة العلاقة بين البلدين الشقيقين والتى عمل الأردن خلال مسيرة الاستقلال للوقوف مع المغرب ودعم مسيرة استقلاله بكل مفاصلها ومنحنياتها، حتى أخذ الاردن يكون مع المغرب مشاركا له بكل محطات استقلاله ومازالت وقفة الملك الحسين مع الملك الحسن الثاني بالصحراء المغربية بعد استعادتها من المستعمر فى حينها تزين الكثير من القاعات الرئيسية بالولايات الجنوبية المغربية لما تحمله هذه الصوره من دلالة ومعنى ورمزيه عميقة.

وهى العلاقة التى مازال يمضي بها بتفان جلالة الملك عبدالله الثاني وأخيه جلالة الملك محمد السادس من اجل تعزيز روابطها وهم يعملان معا من اجل تعميق روابط هذه العلاقة وتمتين رواسيها وتعظيم مساراتها عبر تأصيل هذه العلاقة الاخوية التي تربط الشعبين الشقيقين، حيث تم توقيع أكثر 65 اتفاقية تعاون مشترك وبرامج تنفيذية بكل المجالات ومن أبرز هذه الاتفاقيات التى وقعت كانت اتفاقية أكادير للتبادل الحر الموقعة بين الأردن والمغرب ومصر وتونس، إضافة لاتفاقية اللجنه المشتركه العليا منذ عام 1998.

ولقد حرصت الدبلوماسية المغربية مشاطرة الدبلوماسية الأردنية دورها المركزي بدعم القضية المركزية للأمة بتمكين الوصاية الهاشمية على المقدسات المقدسية، وهذا ما حقق روافع سياسية مهمة لصالح القضية المركزية للأمة وروافع دبلوماسية أخرى تجاه العمل الوحدوي المشترك وبما يخدم الأمة ويصون مكانتها ويقوم لإعلاء رسالتها الممتدة منذ فجر التاريخ وعلى امتداد الأزمنة والعصور، وهذا ما جعل من المغرب تشكل "قصة إنجاز لبناء منجزات" من أجل تقديم نموذج فريد الطابع والمضمون، وسيبقى الاردن يشارك المغرب منجزاته كما شاركه تطلعاته منذ بواكير الاستقلال سيبقى يقوم بتدعيمها وتمكينها بكل المجالات، سيما وأن الأردنيين كما المغاربة هم هاشميون الهوية فإن لم يكونوا بالنسب فهم هاشميين بالتبعية، وهذا ما يجعلنا موحدين تحت خمريه العلم بهاشميه المضمون في المشرق العربي من الدوحه الهاشميه الى المغرب العربي حيث تمتد خمريه الرباط