+
أأ
-

سامح المحاريق : *الزيارة الملكية الآسيوية: بوابات واسعة لاستثمار واقع جيوسياسي جديد

{title}
بلكي الإخباري

تتبع برنامج الزيارة الملكية لمجموعة من البلدان الآسيوية والخيارات التي تمثلت في اليابان وفيتنام وسنغافورة وأندونيسيا وباكستان يظهر الترجمة المباشرة لمجموعة من التحولات الكبرى على المستوى الاقتصادي والسياسي عالميًا، وقدرة كبيرة على بناء مخيلة مبدعة تجاه إعادة التمركز تجاه مرحلة مقبلة من تاريخ العالم ربما تستمر نحو نصف قرن من الزمن، إن لم تكن تصحيحًا لإرادة الجغرافيا وتجاوبًا مع منطقها بعد عقود من الاستسلام لفوضى التاريخ وأهوائه.

العلاقات المتميزة مع اليابان متصلة وترتقي إلى التعاون الثنائي المتميز، والأردن له وضعية خاصة في بناء تصورات اليابان عن المنطقة بشكل عام، وكذلك الأمر بالنسبة لسنغافورة التي أصبحت مركزًا مهمًا في بنية التواصل الاقتصادي العالمي ومعبرًا حيويًا للاستثمارات والأموال، ويمكن القول بأن الأردن على أولويات البلدين، ولكن الحاجة للمصارحة والنقد الذاتي تستلزم الاعتراف بأن متطلبات قانونية وتشريعية وحتى في بنية مفهوم التشاركية يجب أن تتغير، وخطاب العرش الأخير والتركيز على تحسين ظروف المعيشة للمواطنين كان يحمل توجيهًا بالعمل على استيعاب منطق مرحلة جديدة مع شركاء جدد أو متجددين بمعنى أن المطلوب هو نقطة التقاء في المصالح والرؤى، وهو ما يحدث في اللقاءات الملكية رفيعة المستوى التي تفتح الآفاق والغرض ويتبقى قدرة الحكومة والمؤسسات المختلفة على تحويلها إلى مكتسبات ملموسة.

لإمبراطور اليابان سلطة معنوية ولقاؤه يعني قطع جزء طويل من طريق التشاركية ولكنه ليس كل شيء، ففي النهاية يبقى التعاون متعدد المستويات، وإذا كان المستوى الأعلى ينتج الدعم الاقتصادي والتنموي، فالمستويات الأخرى تتفرع إلى التفاصيل وهي غاية بنية التحديث السياسي والاقتصادي المنشود.

اللافت في الزيارة الملكية هي المحطة الفيتنامية، لأن البلد الواقع في جنوب شرق آسيا يعتبر الصين القادمة، ولديه فرص كبيرة مع توسع المشكلات الديمغرافية وطبيعة ونوعية التغيرات في القوى العاملة الصينية، وربما يكون اعتبار الأردن منصة تسويق وربما شراكة في بعض الصناعات يمثل صفقة مربحة للبلدين، وهو ما سيطرح في الزيارة الملكية على مستوى بعض الصناعات ومنها الأنسجة والملابس التي تعتبر فيتنام من بين الدول كثيفة التصنيع لها، وفي الأردن مزايا جمركية للمنتجات المماثلة وبنية تحتية جاهزة.

في المحطتين الأندونيسية والباكستانية يأتي الحوار على أساس التقدم والتقارب على هامش ما يعرف اليوم بالمجموعة العربية الإسلامية ودورها في وقف الحرب على غزة وتعهداتها تجاه الترتيبات المستقبلية في المنطقة، ومع أن ثقل الزيارة سياسي في البلدين إلا أن مقاربة جانب اقتصادي أمر سيطرح في الزيارات الملكية لأن السياسة والاقتصاد يتداخلان بصورة غير مسبوقة في مستقبل المنطقة ومشاريع إعادة هندسة المنافسة والتعاون على المستوى العالمي.

هذه فرص قادمة وأبواب جديدة ومقاربات مختلفة، وجني الثمار مسؤولية والتزام تجاه الملك الذي يطلق هذه الزيارة ضمن رؤية نوعية وتحرك مبكر وقراءة ذكية في واقع معقد، وتجاه المواطنين الأردنيين الذين يتطلعون للاستفادة من ثمار النمو تجاه تنمية شاملة ومستدامة