لارا علي العتوم : الفرصة

يعيش العالم اليوم طفرة غير مسبوقة في تطور الذكاء الاصطناعي، الذي لم يعد ترفًا علميًا أو إنجازًا تقنيًا فحسب، بل قوة حركة السياسات والاقتصادات، ومؤثرٍ مباشر في بنية المجتمعات واتجاهاتها،حاملاً فرصًا هائله في مجالات الحياة، وتحديات فكريه وأخلاقيه حول دور الإنسان ومكانته في عالم يتسارع فيه الإبداع بقدر ما تتسارع فيه الأسئلة.
عزز الذكاء الاصطناعي تغيّر وجه العالم العربي خلال العقدين الأخيرين بوتيره تفوق كل التوقعات، جيلٌ يعيش عند تقاطع الهوية المحلية والثقافه الرقميه، بين القيم التقليديه وأنماط التفكير الجديده، وبين أصالة الماضي وسرعة التغيير، وفي خضمّ هذا التداخل يبرز التحدي الحقيقي في بناء توازن يحفظ الانتماء دون أن يقيّد الانفتاح، فكما يفتح هذا العالم الآفاق، يزرع الانعزال والاغتراب، بما يستدعي إعادة النظر في لغة الخطاب الموجّه للشباب، بالانتقال من لغة الوعظ إلى لغة الشراكه، فالشباب لا يحتاجون من يعرّفهم بأنفسهم، بل من يتيح لهم المشاركة في تعريف المستقبل ذاته، ولا سيما أنهم يشكلون أكثر من 60% من السكان، ما يجعلهم القوه المحركه للتنميه وعلى الرغم من هذه القوه تقف في مواجهة واقع متشابك من ارتفاع البطاله وضبابية الفرص وضغط اقتصادي متزايد، إلا أنه ليس بالامكان اعتبار ذلك جدارًا نحتمي خلفه، بل بوصلةٌ نسترشد بها في بحر التغيّر، بظل ما يتم اتاحته للشباب من ثقةٍ ومعرفةٍ وفرص، فهم الجيل الذي يجمع إرث الأمس بذكاء الغد، ليصنع توازنه الخاص بين الأصالة والتجديد.
وبظل هذا التحدي يمضي الأردن بخطى ثابتة بالتحديث الاقتصادي والتحول التكنولوجي، في مشهد يشبه ما تمرّ به معظم الدول العربية، حيث يمتلك الأردن والعالم العربي، رصيد حضاري ووعي مجتمعي، كوعاء لفرص فريده لصياغة نموذج تربوي وثقافي جديد يدمج الأصاله بالتقدم التكنولوجي، فالتعليم والإعلام والثقافة ليست أدوات للتلقين، بل جسور تعبر من خلالها الأجيال نحو فهمٍ أعمق للذات والعالم، وتفتح مساحات للحوار بدلًا من التوجيه.
حمى الله أمتنا
حمى الله الأردن



















