+
أأ
-

استغلال النفوذ… عندما يتحوّل المنصب إلى عبء على الوطن

{title}
بلكي الإخباري

 

بقلمي: د. عمار النوايسه 

لم نعد بحاجة إلى قصص جديدة لنعرف حجم الضرر الذي يسببه استغلال النفوذ في بلدي. فكل مستثمر يدخل أبواب المؤسسات الرسمية يخرج بانطباع واحد: بعض المسؤولين يتعاملون مع المنصب وكأنه ملك خاص، ومع المستثمر وكأنه “ضيف غير مرغوب فيه” يجب أن يخضع، أو يصمت، أو يرحل.

كيف يمكن للوطن أن ينهض وهناك من يظن أن سلطته تخوّله التعطيل، أو الضغط، أو المساومة؟ وكيف نقنع مستثمراً بالبقاء بينما يواجه مزاجيات فردية تحولت إلى حواجز إسمنتية أمام كل مشروع؟

جلالة الملك قالها بوضوح شديد:

“لن أسمح لأحد أن يضع يده في جيبة المستثمر أو المواطن.”

وقال أيضاً:

“كل من يعرقل الاستثمار هو عبء على الدولة.”

وولي العهد أكدها مراراً:

“لا أحد فوق القانون، ولا أحد يملك الحق في تعطيل مصلحة وطن.”

ومع ذلك… ما زال البعض يظن أنه أكبر من المنصب، وأكبر من القانون، وأكبر من الوطن نفسه.

نحن نرى المشاهد تتكرر:

مسؤول يلوّح بنفوذه وكأنه ورقة ضغط.

وآخر يساوم بطريقة ناعمة تخجل الكلمات من وصفها.

وثالث يجعل المستثمر يشعر أنه متّهم لا شريك في التنمية.

ثم نسأل: لماذا يهرب الاستثمار؟

وكأننا لا نعرف الجواب.

النتيجة باتت واضحة للجميع:

مشاريع توقّفت، رؤوس أموال غادرت، فرص عمل دُفنت، وثقة الناس بالدولة اهتزت.

وهذا كله يحدث رغم أن القيادة تؤكد في كل خطاب على حماية الاستثمار وإزالة العراقيل.

الوطن اليوم لا يحتمل المزيد.

استغلال النفوذ ليس مجرد خطأ إداري… إنه خطر وطني يضرب أساس الاقتصاد ويشوّه صورة الأردن التي نحاول إصلاحها منذ سنوات.

آن الأوان أن نقولها بصوت واضح:

الوطن أكبر من المتنفذين، والقانون أكبر من المناصب، والمستقبل لن يُكتب ونحن ندفن الفرص بأيدينا.

لسنا بحاجة لمزيد من الوعود؛ نحن بحاجة لأفعال، لمحاسبة حقيقية، لجرأة في مواجهة من يعتقد أن منصبه حصانة للعبث والضغط.

فالأردن الذي نحبّه وننتمي له… يستحق مسؤولين يبنون لا يهدمون، يشجعون لا يثبطون، يحمون الاستثمار لا يطاردونه.

هذا قولي… وهذا وجعي… وهذا واجبي تجاه وطني.