+
أأ
-

د. عمار النوايسة بكتب : وجوه بلا مبادئ… ووطن يدفع الثمن

{title}
بلكي الإخباري

 

في كل مرحلة يمرّ بها وطننا، تتجلّى ملامح الرجال الحقيقيين الذين يضعون الأردن في مقدمة أولوياتهم، وتظهر في المقابل وجوهٌ أخرى… وجوهٌ اعتادت تبديل أقنعتها كما تُبدَّل الفصول، لا تستحي من تقلبات مواقفها، ولا تربطها بالمبادئ إلا الصور والشعارات التي ترفعها حين تقتضي المصلحة.

هم أولئك الذين لا يعترفون بقيم ثابتة، ولا خطوط حمراء، ولا التزام وطني يُحتكم إليه. يقتاتون على الفرص، يرفعون الصوت عند المكاسب، ويختفون عند الشدائد. يبيعون المواقف في سوق المزاودات، ثم يحدثونك عن الوطنية وهم أبعد ما يكونون عنها.

هؤلاء هم الخطر الحقيقي على الوطن…

ليس لأنهم يملكون قوة، بل لأنهم يملكون الجرأة على قتل المعنى، وتشويه القيم، وجرّ المجتمع نحو الخراب الأخلاقي والضياع.

في اللحظات التي يحتاج فيها الأردن إلى كلمة صدق، يختارون الصمت.

وفي اللحظات التي يحتاج فيها إلى موقف، يختارون الطريق الأسهل… طريق المصلحة والبحث عن مقاعد أو مكاسب أو نفوذ.

وعندما تنكشف الحقائق، يعودون ليتصدروا الصفوف بوجوه باردة، وكأن شيئاً لم يكن.

الوطن لا يُبنى بهؤلاء.

الوطن يبنيه من يثبت على مواقفه، من يتعب، من يرفض الانحناء أمام المغريات، من يقف في عين العاصفة لأنه يعرف أن الأردن أكبر من كل المكاسب الصغيرة.

لقد تحدث جلالة الملك مراراً عن أهمية ترسيخ سيادة القانون، ومحاربة الفساد، وإعلاء قيمة الانتماء الفعلي لا الانتماء الخطابي… وكرر سمو ولي العهد أن الأردن يحتاج إلى شباب ومؤسسات تقودها النزاهة والعمل لا الضجيج.

لكن أصحاب الوجوه عديمة المبادئ لا يسمعون… أو يسمعون ولا يريدون الفهم.

إننا اليوم في معركة قيم قبل أن تكون معركة اقتصاد وسياسة.

معركة بين من يحمل الأردن في قلبه، ومن يحمل مصلحته في جيبه.

بين من ينهض بالوطن، ومن يجعل منه سلّماً يصعد عليه ثم يتخلّى عنه عندما يبلغ غايته.

وهنا يكمن الواجب:

أن نبقى الصوت العالي في وجه الزيف، وأن نرفع راية الحقيقة مهما حاولوا إسكاتها، وأن نحمي وطننا من الانتهازيين الذين لا يعرفون معنى الشرف ولا يحفظون عهد الانتماء.

فالأردن ليس مكاناً لمن يبدّل وجهه كل صباح…

الأردن وطن الرجال، وطن المواقف، وطن المبادئ التي لا تُباع ولا تُشترى.

بقلمي: