+
أأ
-

انفصام الإنجاز: هل ينقذ التعديل الوزاري حكومة الشكل دون المضمون؟

{title}
بلكي الإخباري

كتب الناشر - يتجدد الحديث عن التعديل الوزاري كطقس سياسي مألوف لكن اللافت هذا العام أن النقاش سبق الموعد وتجاوز الإشارات التقليدية فالموازنة التي اعتدنا أن تُقر في الأشهر الأولى من السنة تتجه وفق التوقعات إلى الإقرار قبل نهاية العام وكأن الحكومة تستعجل ترتيب أوراقها قبل الدخول في مرحلة جديدة

ولعل هذا الانضباط في المواعيد يُحسب للرئيس جعفر حسان – أو حسان كما يلقّبه المقربون – بوصفه رجل إدارة لا يترك التفاصيل تتسرب من بين الأصابع لكن العارفين بالمشهد يدركون أن إحكام الجدول الزمني للموازنة لا يعني بالضرورة إحكام أداء الفريق وأن التنظيم في المواعيد لا يعفي من الفتور القاتل في النتائج على الأرض

هنا تكمن المفارقة الفلسفية بين الشكل الإداري المهيب والمضمون التنموي الهش فالكفاءة الزمنية وإدارة الملفات لا توازي بالضرورة الفاعلية الاجتماعية التي يلمسها المواطن في حياته اليومية

ورغم أنه لا مؤشرات رسمية على رحيل الحكومة فإن الحديث المتكرر عن جاهزية التعديل يكشف أن الرئيس نفسه يدرك أن بعض الملفات لم تكن على مستوى التوقعات وأن بعض الحقائب أصبحت بحاجة إلى إعادة ضبط قسرية ولو جاء ذلك بلغة التحديث لا لغة الاعتراف الصريح بالقصور فهذا إقرار ضمني بأن الاستمرار على الوتيرة الحالية أصبح عبئاً سياسياً لا يُحتمل

ولذلك يبدو المشهد اليوم وكأننا أمام حكومة تُمدَح بالانضباط الإداري وتُنتقد في العمق بالأثر المفقود حكومة تُحافظ على الشكل البيروقراطي وتبحث عن مضمون إنقاذي جديد وربما هذا ما يجعل التعديل أقرب إلى الضرورة الوجودية منه إلى الترف السياسي فالإدارة الناجحة تفرض على نفسها تجديد الوسائل عند تعثر الغايات الكبرى

التعديل الوزاري يبدو أقرب من أي وقت مضى فإقرار الموازنة قبل نهاية العام لأول مرة منذ سنوات يعني أن الرئيس جعفر حسان يرتّب البيت بصرامة قبل خطوة فارقة لا مؤشرات على الرحيل لكن جهوزية التعديل تقول بوضوح أن الإدارة منضبطة والمخرجات بحاجة إنعاش فوري نحن أمام حكومة تُحسن توقيت القرارات لكنها تتعثر بمرارة في أثرها على حياة الناس.