+
أأ
-

لما جمال العبسه : الأردن بين تثبيت التصنيف الائتماني ورهانات المستقبل

{title}
بلكي الإخباري

 

تثبيت وكالة «كابيتال إنتليجنس» للتصنيف الائتماني، التصنيف الائتماني للأردن عند مستوى BB- مع نظرة مستقبلية مستقرة، هو ليس مجرد تقييم مالي تقني، بل هو انعكاس لمكانة المملكة في خريطة الثقة الدولية، ورسالة مزدوجة تحمل في طياتها إشادة بمرونة الاقتصاد وتحذيراً من حدود الاعتماد على الاقتراض.

التصنيف الاخير يعكس قدرة المملكة على تجنب التراجع رغم الأزمات الإقليمية والضغوط المالية، لكنه يضع الأردن في فئة ما دون الدرجة الاستثمارية، أي أن ثقة الأسواق لا تزال مشروطة، وأن تكلفة التمويل الخارجي ستبقى أعلى من الدول ذات التصنيفات المرتفعة.

هذا الاستقرار في التصنيف ليس جديداً، إذ ظل الأردن خلال العقد الماضي يتأرجح بين مستويات B+ وBB-، وهو ما يعكس قدرة على الصمود دون تحقيق اختراق نوعي نحو مستويات أعلى، وهذه الاستمرارية تحمل وجهين؛ الأول إيجابي يتمثل في تحسن الاحتياطيات الأجنبية وقوة القطاع المصرفي واستمرار الدعم الدولي، والوجه الثاني يتمثل في محدودية النمو الاقتصادي واعتماد المالية العامة على التمويل الخارجي لتغطية العجز.

المغزى الأعمق لهذا التصنيف يكمن في دلالاته المستقبلية، فهو يبعث برسالة إلى الحكومة بأن الحفاظ على التوازن المالي وحده لا يكفي، وأن أي تحسن في التصنيف لن يتحقق إلا عبر إصلاحات هيكلية تعزز النمو وتقلل من هشاشة المالية العامة، فالقروض الثنائية ومتعددة الأطراف تخدم الميزانية العامة بشكل لا يمكن التقليل من اهميتها، لكنه في المقابل لا يصنع اقتصاداً منتجاً إذا لم تُوظف الاموال في مشاريع تنموية ترفع من تنافسية الاقتصاد وتخلق فرص عمل.

في المقابل نشهد تحولات حقيقية على مستوى الاقتصاد الوطني خلال العام الماضي، حيث ركزت حكومة الدكتور جعفر حسان على المشاريع الرأسمالية الهامة ذات المردود متوسط وطويل الامد على الاقتصاد الوطني، كما انها جعلت من هذه المشاريع اداة حقيقية لتخفيف معاناة الاقتصاد الوطني في جانب البطالة والفقر، عدا عن ان الحكومة باستمرار تعمل على اعادة قراءة التشريعات الناظمة وتحاول تطويرها بما يخدم اهدافها الرئيسية، لكن الرهان الحقيقي امام الحكومة هو في تحويل هذا التصنيف من مجرد أداة لقياس القدرة على الاقتراض إلى محفز للإصلاح.

فإذا استُخدم التمويل الخارجي كرافعة للنمو، يمكن للأردن أن يقترب تدريجياً من الدرجة الاستثمارية، أما إذا ظل الاقتراض موجهاً لتغطية العجز الجاري، فإن التصنيف سيبقى ثابتاً في احسن الاحوال، وهذا مع ثبات الظروف المحيطة.

في المدى الطويل، يظل التصنيف الائتماني مرآة لثقة العالم في قدرة الأردن على بناء اقتصاد متوازن ومستدام، والحفاظ على BB- اليوم نجاح في إدارة التحديات، لكنه ليس نهاية الطريق، فالمطلوب هو أن يصبح التصنيف انعكاساً لقوة ذاتية لا مجرد شبكة أمان دولية، وأن يتحول الاقتراض من وسيلة للبقاء إلى أداة للنمو، عندها فقط يمكن للأردن أن يرسخ موقعه كاقتصاد قادر على مواجهة المستقبل بصلابة أكبر