غزوة التعيين الخاسرة …. من التوقيع المطاطي إلى الانتحال الإرادي وتفكيك المنطق النيابي الأعوج

كتب الناشر - في محراب السلطة التشريعية لا يقتصر العبث على سوء القرار بل يمتد إلى فلسفة تبريره وتتلخص أزمة المذكرة النيابية المطالبة بتعيين شخص في منصب قيادي في تهافت الأعذار النيابية التي لا تُخفي الذنب بل تُعري آليات التفويض الهشة فهي كرحلة هبوط من السهو غير المسؤول إلى التنازل الإرادي الخطير.
فعندما يُعلن نائب انه وقع على مذكرة دون قراءة فهو يتنصل من جوهر تفويضه الرقابي وهذه المصيبة تحول النائب إلى مجرد ختم مطاطي لا عقل له ولا تدقيق وهي إقرار بـالجهل المصطنع بمحتوى ما يتبناه وتنازل عن الكفاءة المعرفية اللازمة لحماية المصلحة العامة للبلاد والعباد فبدلا من أن يكون المُمثل المُفكر عن الشعب يصبح أداة صماء لتمرير التوصيات في ايدي البعض .
أما الإقرار بالتوقيع على بياض فهو أخطر إذ يرتقي بالعبث إلى مستوى الجريمة فالنائب هنا لا ينسى القراءة بل يسلم إرادته التشريعية لطرف ثالث غير منتخب وهذا الفعل ليس مجرد خطأ إداري بل هو تفكيك لمفهوم السلطة المفوضة وعبث باليمين الدستوري فهو يُنشئ وكالة مزدوجة خطيرة تسمح لبعض اللوبيات بالتحدث والتأثير باسمه مما يُشرعن التدخل السافر في قرارات مجلس الامة .
والذروة في هذا المنطق الأعوج هي السماح للغير بالتوقيع أو تبني المذكرة باسم النائب دون علمه الفعلي وهذه هي الجناية وهذا الفعل يُمثل سقوط الهوية التشريعية للنائب حيث يختفي صوته الانتخابي ليحل محله توقيع منتحل أو مفوض بطريقة غير شرعية فهي جناية على الثقة العامة لأنها تضرب مبدأ الشفافية وتؤكد أن القرار النيابي أصبح يتخذ بعيداً عن المساءلة والتدقيق العقلاني وثقة الشعب .
في المحصلة هذه الأعذار النيابية ليست اعتذار بل هي مُعادلة تعرية تكشف عن خلل بنيوي فهي محاولة بائسة لارتداء ثوب الضرورة لتبرير العبث المطلق وتؤكد أن العمل النيابي في بعض جوانبه قد تخلى عن المنطق الرصين لصالح منطق التوقيع الأعوج على بياض .

















