اقتصاديون: توجه "صندوق استثمار الضمان" نحو المشاريع الكبرى مبني على دراسات جدوى وإدارة المخاطر

أكد معنيون بالشأن الاقتصادي، أن توجه صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي للاستثمار في المشروعات الوطنية الكبرى، مبني على دراسة جدوى وتقييم متكامل يأخذ في الاعتبار الجوانب الاقتصادية والمالية والتنموية، وهو ما يتوافق مع أفضل الممارسات العالمية في تقييم المشاريع الكبرى.
وأوضحوا أن تنويع محفظة الاستثمارات أمر لا بد منه للاستفادة من الفرص الاستثمارية الاستراتيجية، فوصول الموجودات إلى ما يزيد عن 18.2 مليار دينار يفرض تنويعا في المحفظة لضمان ديمومتها.
ووصفوا استثمار الصندوق في مشروع مدينة عمرة بالإيجابي، فالصندوق قام بشراء أراض في "مدينة عمرة" بسعر تفضيلي يقل بـ 30 بالمئة عن السعر الإداري، مشيرين إلى أن حجم الاستثمار الذي خصصه الصندوق لهذا المشروع والذي لا يتجاوز 1 بالمئة من إجمالي موجوداته يعكس نهجا احتوائيا محسوبا للمخاطر.
وأكدوا أن الصندوق يمارس دوره بكفاءة ومسؤولية من خلال الموازنة بين حماية أموال المشتركين والمساهمة في التنمية الاقتصادية، مشيرين إلى أن التوجه نحو الاستثمار في البنية التحتية والمشاريع الكبرى ليس خروجا عن مسار الصندوق، بل هو جزء من دوره الطبيعي كمستثمر رئيسي في الاقتصاد الوطني.
وقال الأمين العام للاتحاد العربي للنقل البري مالك حداد، إن توجه صندوق الاستثمار التابع للضمان الاجتماعي نحو المشاريع الوطنية يجب أن يخضع لمعايير صارمة من حيث العائد المتوقع، وأن تكون إدارة المخاطر والشفافية هي عنوان هذا التوجه، من خلال الإفصاح الدوري لجمهور المتقاعدين.
وأكد أن الأولوية يجب أن تبقى لحماية حقوق المتقاعدين وضمان استدامة الصندوق ومعرفة أكيدة في العائد على الاستثمار، مقارنة بالبدائل الآمنة حاليا.
وقال إنه من الأفضل الاستثمار بحد مالي متوازن ما بين ديمومة هذه الأموال والفائض المتوقع، ويمكن لأموال صندوق استثمار الضمان الاجتماعي الفائضة بدلا من أن تبقى رصيدا بعائد منخفض أن تدعم التنمية الاقتصادية وتخلق فرص عمل جديدة.
وأكد أن تنويع محفظة الاستثمارات لا بد منه بدلا من الاعتماد الكلي على الودائع المصرفية المضمونة نوعا ما وإمكانية الاستفادة من فرص استثمارية استراتيجية.
من جانبه، أكد رئيس جمعية مستثمري شرق عمان الصناعية الدكتور إياد أبو حلتم، أن الصندوق يتبع خطة للتوسع في الاستثمارات وخصوصا تلك التي تحقق عوائد أكثر من 10 بالمئة وتعود ببعد استراتيجي، خاصة في مجال الطاقة.
وأشار إلى أن الصندوق الذي تأسس عام 2003 ونمت موجوداته لأكثر من 16.5 مليار لغاية 2024، وارتفعت العام الحالي لتصل إلى 18 مليار دينار، حقق أداء جيدا خلال الفترة السابقة، حيث سعى إلى التنوع في استثماراته بين عدة قطاعات، منها المناطق التنموية والزراعة والطاقة المتجددة والسياحة والأسهم.
ورأى أن بدء الصندوق بتوسيع خططه وتنويع محفظته الاستثمارية موضوع لافت، فلا شك أن هناك اهتماما متزايدا منه في مشاريع البنى التحتية والناقل الوطني والطاقة المتجددة والمشاريع الاستراتيجية ومشروع خط غاز الريشة، وحتى المشاريع الزراعية الاستراتيجية، فشركة الضمان للاستثمارات الزراعية تعمل بخطى كبيرة في المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والبطاطا وبعض المنتجات الزراعية المهمة.
وأشار إلى أن هناك اهتماما واضحا وبشكل كبير بالعديد من المشاريع، خصوصا في البنى التحتية، حيث مول الصندوق باص التردد السريع بأكثر من 148 مليون دينار، ومركز جمرك الماضونة جمرك عمان الجديد بـ 96 مليون دينار، وهي مشاريع متنوعة واستراتيجية ولها عوائد كبيرة على الاقتصاد الأردني، كما بلغت محفظة الصندوق في الأسهم بسوق عمان المالي أكثر من 2 مليار دينار، وهي محفظة مميزة وتحقق عوائد.
ووصف أبو حلتم، توجه الصندوق للاستثمار في مشروع مدينة عمرة بـ "إلايجابي"، فمن الواضح أنها ستكون مدينة خضراء حديثة ومبنية على أسس علمية سليمة، وذات تقنية عالية.
من جهته، قال الخبير في مجال المالية العامة والإدارة المحلية والحوكمة المدير العام السابق لبنك تنمية المدن والقرى، أسامة العزام، إن ما نلمسه اليوم في مسيرة الصندوق هو انتقال حقيقي من عقلية "إدارة الفوائض المالية" إلى عقلية "صناعة الفرص الاستثمارية"، مؤكدا أن الصندوق بدأ يغادر تدريجيا المنطقة الآمنة التقليدية –أي السندات والودائع– نحو الاقتصاد الحقيقي، وهذا توجه إيجابي، فوصول الموجودات إلى ما يزيد عن 18.2 مليار دينار يفرض تنويعا في المحفظة لضمان ديمومتها.
وأضاف إن قيام الصندوق بشراء أراض في "مدينة عمرة" بسعر تفضيلي، ليس مجرد صفقة عقارية، بل هي قراءة استشرافية ذكية لحجز موقع في مستقبل التوسع العمراني للمملكة، ومسعى عملي لرفع حصة الاستثمار العقاري إلى 10 بالمئة كما هو مخطط.
أما بخصوص التوجه نحو المشاريع الكبرى كالناقل الوطني وخط الغاز، فأوضح العزام أن الصندوق يحقق بذلك المعادلة الصعبة المتمثلة بالتشاركية في تحمل المسؤولية الوطنية، مع تحقيق عوائد مجدية تفوق الـ 10 بالمئة، فالصندوق يستثمر في سلع استراتيجية (المياه والطاقة) الطلب عليها مضمون ومستمر، ما يقلل مخاطر السوق.
وأشار إلى أن الانتقال إلى الاستثمار المباشر ومشاريع البنية التحتية يتطلب منظومة متكاملة من ضوابط الحوكمة، مؤكدا أن النجاح في هذا المسار الجديد مرهون بمدى قدرته على تحصين قراره الاستثماري فنيا وإداريا، وضبط مخاطر التنفيذ والتشغيل بدقة متناهية، لضمان أن تبقى هذه المشاريع رافعة للاقتصاد وليست عبئا عليه.
وأكد أن البوصلة تتجه نحو الطريق الصحيح والجرأة المدروسة مطلوبة، شريطة أن تبقى الحوكمة هي المعيار الحاكم في كل خطوة يخطوها.
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور عدلي قندح، إن توجه الصندوق للمشاركة في المشروعات الوطنية الكبرى، مثل مدينة عمرة الجديدة، يأتي منسجما بشكل كامل مع أهدافه ومع المعايير الدولية التي تعمل وفقها صناديق التأمينات والضمان الاجتماعي حول العالم.
وأوضح أن هذه الصناديق تعد بطبيعتها مستثمرا طويل الأجل يستهدف تعظيم العائد ضمن مستويات مدروسة من المخاطر، بما يضمن استدامة النظام التأميني لعقود مقبلة.
وأضاف إن حجم الاستثمار الذي خصصه الصندوق لهذا المشروع والذي لا يتجاوز 1 بالمئة من إجمالي موجوداته، يعكس نهجا احتوائيا محسوبا للمخاطر، ويؤكد أن القرار الاستثماري جاء مبنيا على دراسة جدوى وتقييم متكامل يأخذ في الاعتبار الجوانب الاقتصادية والمالية والتنموية، وهو ما يتوافق مع أفضل الممارسات العالمية في تقييم المشروعات الكبرى.
وبين أن الاستثمار في المدن التنموية والمشاريع العمرانية الكبرى يحظى عادة بجاذبية لدى الصناديق السيادية وصناديق التقاعد، نتيجة ما توفره من ضمانات أعلى واستدامة في العوائد، وارتباط مباشر بالنمو الاقتصادي وخلق فرص العمل.
وأكد قندح، أن الصندوق يمارس دوره الوطني بكفاءة ومسؤولية من خلال الموازنة بين حماية أموال المشتركين والمساهمة في التنمية الاقتصادية، مشيرا إلى أن التوجه نحو الاستثمار في البنية التحتية والمشاريع الكبرى ليس خروجا عن مسار الصندوق، بل هو جزء من دوره الطبيعي كمستثمر رئيسي في الاقتصاد الوطني.
وأضاف إن استمرار الصندوق في الالتزام بالحوكمة ودراسات الجدوى ومعايير إدارة المخاطر، هو ما يعزز الثقة العامة ويؤكد سلامة قراراته الاستثمارية.















