+
أأ
-

ماهر أبو طير يكتب :- عمرة.. من حق الأردن أن يتطور

{title}
بلكي الإخباري

 

أسوأ ظاهرتين في الأردن تنهشان حياتنا، الأولى تتعلق بالشك في كل شيء، والثانية محاولة تخريب كل شيء.

هناك اتجاهات ذهنية تعمقت مع الربيع العربي أرست مدرسة تمارس الشك في كل قرار، وكل مسؤول، وكل مبادرة، وكل صاحب مشروع في القطاع الخاص، وكل إنسان حتى يثبت خضوعه لمعاييرك، وأن تشك في كل خطوة، وكل وجدان، بحيث أصبحت هذه المدرسة سائدة، وربما زادت حدتها بسبب أخطاء المؤسسات، لكن لا يعقل أن تتحول إلى عدوى بهذه الطريقة، مقارنة بدول عربية، لا تسمع فيها كلمة اعتراض على أي مشروع او توجه، وكأن الديموقراطية حولتنا الى شعب يعشق الجدل، بحيث نعترض على فتح شارع، وعلى اقامة دوار.

 

محاولة تخريب كل شيء ترتبط بالظاهرة الأولى، فإذا تم فتح مشروع تشوش عليه لأن لك مصلحة شخصية، أو لأنك تشك، وإذا تحرك أي مسؤول ميدانيا تتم مهاجمته لأنه يتحرك كثيرا، وإذا جلس بمكتبه قيل عنه غير فاعل، وإذا توسط في حركته قيل انه غير مؤثر، والامر ينطبق على كل الامور بما في ذلك اي محاولة للنهوض بالأردن، وكأن نصيبنا فقط أن نسمع الطبول فوق رؤوسنا ليل نهار، وشعار البعض ان كل شيء يجب أن يخرب، مادام حال الشخص ذاته خرب، بما يولد كل هذه السوداوية.

مناسبة هذا الكلام ما تسمعه من اشخاص في جلسات مغلقة يقولون لك ان مدينة عمرة ستكون مخصصة للمهجرين الفلسطينيين من الضفة، والبعض يقول لك ان المدينة ستبنى بأموال عربية وأردنية بأوامر اميركية من اجل هذه المرحلة، وتسمع نظريات ثانية فتصاب بالوجوم امام مجتمع يستصعب ان يقول ان المشروع يعد حيويا.

 من حقنا ان نحاول تغيير واقعنا، ومن حق الأردن ان يتطور، وان يتحسن حال ابنائه، وتسأل نفسك الى متى سنخضع لهذه النظريات التي تعتبر كل شيء مؤامرة، فإذا فتحنا استراحة على الطريق الصحراوي قيل انها جزء من مؤامرة الوطن البديل، واذا زرعنا ارضا في الاغوار قيل ان ملاكها واجهات اسرائيلية، والامر ينطبق على كل شيء، لأن الشك سائد، ولأن التخريب بات مدرسة؟.

في الإعلام يؤمن مختصون ان معالجة شائعة مثل توطين الفلسطينيين في عمرة تكون بتجاهل القصة، لأن المعالجة والنفي تروجان للإشاعة، فتصبح واسعة الانتشار لاحقا، وهذه رؤية في الإعلام أحترمها، لكنها تتعامى عن كلفة الاشاعات في كل مراحلها، وفي بعض الحالات لا نستهدف النفي، دفاعا عن المشروع او غيره، بل نستهدف تصحيح البصر والبصيرة.

لا يمكن ان يبقى الأردن أسيرا لألف لسان، وحيثما وليت وجهك تجد العباقرة يتحدثون في كل شيء، وقبل يومين قال لي احدهم إن المطر قليل في الأردن لأن اسرائيل تسرق المنخفضات، فقلت له نعم هذا كلام صحيح، وهي تخضع للتحقيق في المسكوبية بالقدس الشريف.

في مرات تدرك ان وسائل التواصل الاجتماعي دمرت بنية المجتمعات، اشاعت الشك والتطاول، ومنحت الفرصة لغير المختصين للإفتاء بكل شيء، وأشاعت الكراهية، وأفشت الانحدار الاخلاقي، وعبثت بمكونات الشعوب والدول، بوجود جماهير لا يميز بعضها احيانا كلفة الكلمة، وكلفة نسخ التعليقات، والاشاعات.

لست ديموقراطيا الى الدرجة التي يتسم بها غيري، لكنني اؤمن بشدة ان الدول عليها ان تأخذ قرارها وتمضي، ولا تتعرقل بكل هذا الجراد الالكتروني، وكل هذه الموجات، ولعل انجح الدول العربية تلك التي مركزت ارادة الدولة في القرار، ولم تسمح بالتشويش على كل مشروع اقتصادي، او توجه سياسي، لان هناك فرقا كبيرا بين رؤية الدولة، ورؤية الفرد، والاهم التجسير بينهما.

لكل هذا يقال اننا تعبنا من كل هذا الاحباطات: الأردن سينهار غدا، الأردن سيتحول الى وطن بديل، الأردن سيبني مدنا للفلسطينيين، الأردن سينهار اقتصاديا، وهكذا تتوالى الحكايات.

ما سبق ليس دفاعا عن المشروع، فلست متعهدا للرمل والطوب فيه، لكنها اشارة حول كل القيود التي تكبل محاولاتنا للنهوض مجددا، في بلد نحبه ويحبنا، ومن حقه علينا ان نصونه بالعقل لا بالأهواء.

أما الأردني فليس معبرا للمخططات، ولا الفلسطيني يريد الخروج