د. عمّار النوايسة يكتب :- “فراسة العرب… حين يتمادى الضيف في حضوره”

فراسة العرب لم تكن خرافة؛ كانت بصيرة تكشف نوايا الضيف قبل أن يتكلم. العربي كان يعرف الضيف الذي جاء بوجه طيب… من ذلك الذي جاء وفي نفسه ما هو أكبر من الزيارة.
فالضيف الحقيقي يعرف حدوده. أما من يكثر حضوره، ويظهر في كل مناسبة، ويشارك في كل شيء حتى ما لا يعنيه، فالعرب يسمّونه ضيفًا يبحث عن دور لا يخصه. وكانوا يقولون:
“من يتصرّف كصاحب الدار… جاء بنوايا تتجاوز الضيافة.”
وفي زماننا، نرى “ضيوفًا” صار حضورهم أكبر من حضور أهل الدار أنفسهم؛ يبتسمون في كل صورة، يبرزون في كل مشهد، ويتجولون بين تفاصيل المجتمع كأنهم جزء منه أكثر من أصحابه.
وهؤلاء لا تُخطئهم فراسة العربي: فالمبالغة في الحضور ليست اهتمامًا… بل إشارة.
وحين يصبح الضيف موجودًا في كل زاوية، لا يعود السؤال: لماذا حضر؟
بل: ماذا يريد؟
فالبيت له هيبته، وأهله أولى بالقرار، والضيف محترم… ما دام ضيفًا.
أما إذا تجاوز حدوده، فالعرب يعرفون أنه لم يأتِ لزيارة، بل لشيء أكبر من الزيارة.
الوضع ما بطمئن والساتر الله



















