فيجا ابو شربي تكتب : سايكس–بيكو الجديد في العقول لا على الأرض

كنا يومًا أصحابَ قضيةٍ واحدة
أمّا اليوم، فقد تفرّقت القضايا،
حتى صار كلُّ قُطرٍ عربيٍّ قضيةً بحدّ ذاته.
لا لأن القضايا صغرت، بل لأن الوعي تكسّر، ولأن البوصلة ضاعت بين ضجيج المصالح وتعدّد السرديات.
حالةُ الانقسام طالت كلَّ شيء:
الإعلام، الشارع، أحاديث المساء، وحتى تفاصيل الوعي اليومي.
المشهد يعجّ بالاختلاف، لكن الغالبية ـ رغم كل شيء ـ ما زالت من أصحاب الشرف، أولئك الذين لم يبدّلوا قناعاتهم ولم يساوموا على الذاكرة.
لقد أيقنّا، وربما متأخرين، أن ما يُحاك في ظلام الغرف المغلقة، ثم يُبثّ كسموم على ألسنة بعض الإعلاميين أو الناشطين، ليس عفويًا ولا بريئًا.
إنه مشروعٌ يُشبه سايكس–بيكو في جوهره، لكنه هذه المرّة لا يرسم حدودًا على الخرائط، بل يرسمها داخل العقول.
التقسيم اليوم فكري، ناعم، وخطير… يقوم على تغييب الوعي لا على احتلال الأرض.
لم نعد نحتاج إلى جيوش غازية، يكفي إعلامٌ مأجور، وخطابٌ ملوّث، ومصطلحات تُعاد صياغتها بعناية لتبدو الهزيمة خيارًا، والانقسام رأيًا، والشك فضيلة.
احذروا القنوات المسمومة.
احذروا الإعلاميين الذين غاب ضميرهم أو غُيِّب، وباعوا الكلمة لمن يدفع أكثر.
احذروا من باعوا أنفسهم للشيطان مقابل لقيمات لا تُقيم أودًا ولا تصنع كرامة.
وقاطعوا…
قاطعوا كل من يعبث بتاريخنا،
ويشوّه ذاكرتنا،
ويستثمر في تفتيت عقولنا.
فالأوطان لا تُهزم حين تُقصف،
بل حين يُقنع أهلها أن الهزيمة خيار،
وأن الشك فضيلة،
وأن الخيانة رأيٌ آخر.



















