جراح الثقةِ

بقلم: ريم عادل كوسى
لم تكن تجاربنا ومراحل الحياة التي مررنا بها مجرد أيام انقضت، بل كانت محطات حاسمة تشكلت فيها حكايتنا وتأسست خلالها ثقتنا بمن حولنا. وعندما نستعيد بعض هذه اللحظات، نجد أنفسنا في حيرة، نبحث في أعماق الروح عن ذواتنا التي فقدناها في الطريق.
ننظر أحيانًا إلى المرآة فلا نعرف من ذلك الشخص الذي يحدق بنا. نحن لسنا كما كنا، تغيّرت ملامحنا النفسية، وربما تلاشت ثقتنا القديمة.
والسبب؟
أننا في مراحل كثيرة، وضعنا ثقتنا في من لم يستحقها، في أشخاص يعانون من اضطرابات نرجسية لا تُرى بالعين المجردة، لكن آثارها تنخر في النفس بصمت.
من هنا يبدأ الاستنزاف… العاطفي أولًا، ثم النفسي، فيتراجع تقدير الذات، وتنهار قدرتنا على الحكم السليم.
تتكون عزلة نفسية، ويغيب الشعور بالهوية، فنعيش في دوامة من التردد والشك، وكأننا انفصلنا عن ذواتنا الأصلية.
في تلك اللحظة، نبدأ رحلة البحث عن الثقة من جديد.
تلك الكلمة التي تحمل معناها أكثر بكثير من حروفها،
الثقة هي أساس العلاقات، بذرة الأمل، الجسر الذي يعبر بنا من الشك إلى اليقين، وهي المنبع الأول لقوة الشخصية.
ورغم التراكمات القاسية، والخذلان الذي قد يأتينا من أقرب الناس، علينا ألا ننسى أن الثقة تولد معنا.
هي هبة أول لقاء، حين حملتنا أمهاتنا بين أذرعهن.
من هناك بدأت، ومن هناك يمكن أن تبدأ من جديد.
لكن المشكلة الحقيقية لم تكن في الثقة نفسها، بل في قراراتنا، في اختياراتنا، في التساهل والتراخي أحيانًا مع من لا يستحق.
في النهاية، عندما تسقط الثقة، تسقط معها كل الأشياء الجميلة التي بنيناها فوقها.
ولهذا، فإن بناءها من جديد… ليس مجرد استعادة، بل ولادة جديدة للنفس، والعلاقات، والحياة.



















