+
أأ
-

أردوغان العربي

{title}
بلكي الإخباري د. مهند مبيضين

كانت تركيا احدى الجهات المفضلة للسياحة العربية ومنها الأردنية في العيد، وستبقى كذلك، للوهلة الأولى تأخذك الدولة بقرارها الاستراتيجي نحو السياحة والسفر ومجتمع الخدمات المذهل، مما جعل السائح العالمي يفضلها، لكنها دولة لم تتفوق في السياحة وحسب، بل في البحث العلمي والصناعة والمشاريع الصغيرة والبيئة وحتى في سلم ترتيب النمو الاقتصادي وتحسن مصادر الدخل للفرد. تركيا اليوم ليست خارطة عتيقة من التاريخ والانتصارات و الهزائم، كل هذا العمق الكبير جزء من تكوينها المستقبلي ومن هويتها الناجزة برغم تعدد الاثنيات والاعراق التي تشكل الهوية الجمعية، لكنها في معادلة السياسة والتأثير قررت أن تتجه نحو الإصلاح والانفتاح والديمقراطة  بغض النظر عن الطرف الفائز بنتائج صناديق الاقتراع. قبل سنوات لم تكن حدود تركيا مع العالم العربي محفوفة بالصراع، لكنها اليوم باتت في حدودها تشكل مناطق اشتباك لها، سواء في العراق أو سوريا، وهي تحضر في الواجهة العربية العامة كلما تحرك اردوغان سياسياً واخيرا كان رده على الايرانيين واضحاً حين ارادوا كيل الاتهامات للسعودية في التقصير بخدمات الحج. اردوغان كرئيس لدولة بحجم تركيا لا يعني انه يمثل السلاطين القدامى بأنه منزه عن الخطأ، برغم شغفه بالتاريخ، إلا أن الدولة معه قطعت شوطا أبعد من تلك الهواجس والذكريات، فتركيا اليوم غادرت نادي الفقر والتخلف والبطالة، فكل الصناعات التركية تنافس بشدة وقدرات الدولة الاقتصادية لا يحكمها اردوغان وحزبه ولا احمد داود اوغلو بل هي مسار جديد مستقر حقق للدولة التركية وثبة تاريخية خلال عقدين من الزمان لم تستطع دول أكبر منها ان تضاهيها في الشرق الأوسط. حتى الآن يبقى أردوغان خياراً نهضويا لشعب مكتمل التاريخ، مهما كان الغضب منه او العتب عليه، إلا أن تركيا في عهد حزبه تقدمت كثيرا إلى درجة ابتعادها عن جيرانها العرب مسافات ضوئية، صحيح أن في الدولة التركية فسادا وعلاقات وطيدة مع اسرائيل وقمعا للحريات والمظاهرات كأي دولة، إلا انها في السياق العالمي تملك الرؤية الكافية للبقاء في المستقبل، وهي كدولة ومجتمع عرفت خيارها الأسلم والأفضل لكي تبقى ضمن الدول المتقدمة اقتصاديا. أخيرا على طيب رجب اردوغان الكثير من الملاحظات كرئيس او رجل دولة أو زعيم حزب، لكنه في المجمل قاد بلده إلى بر الأمان والتـأثير العالمي والانفتاح الذي يكفل لها التميز في نادي القوة العالمي وفي الحضور الانساني وفي الثقافة العالمية. وهو ما يفتقده العرب ويحتاجون إليه. Mohannad974@yahoo.com