تعد المؤسسات الإعلامية والمؤسسات السياسية أو الحكومية، أخطر وأهم المؤسسات المجتمعية، نظرا لدورهما الأبرز في تشكيل وتوجيه الرأي العام.
ولعل الرأي العام بالمجمل ينظر إلى العلاقة بين المؤسستين أنها علاقة فتور مبنية على التوتر والندية، يتخللها صراع، ومعاملات بالكثير من الحذر.
وتتحمل المؤسستين مسؤولية الصراع القائم بينهما والحذر الشديد الذي يدفع ثمنه المواطن، فرجال السياسة أو المسؤولين الحكوميين يبنون أسس تعاملهم المباشر مع المؤسسات الإعلامية بالكثير من الحذر وبعلاقة يشوبها الريبة، معتبرين الإعلام أداة لتعبئة وتشكيل الرأي العام المبني على الإشاعات والسلبية، وأنهم أصحاب الحق في تشكيل الرأي العام والاهتمامات العامة ووضع الأجندة السياسية، كما يشوبها نوع من العداء المبطن الناتج عن نظرة الانتقاد إذا ما وجهتها إليهم سهام الإعلام .
وبالمقابل فان المؤسسات الإعلامية( ليس بالمطلق)، يقتاتون على تصيد الأخطاء والزلات الحكومية، لتحويلها إلى مادة إعلامية زخمة تتغذى عليها مؤسساتهم لتحقيق أعلى مستويات المتابعة، متجاوزين أي منجز إيجابي، معولين على تلك الفجوة الكبيرة بين الحكومات والشعوب في النظرة السلبية من الشعوب اتجاه حكوماتهم.
وإذا ما عدنا إلى حقيقة الغاية المرجوة من العلاقة بين المؤسستين، نجد أن القاسم المشترك بينهما هو الجمهور، وأنها علاقة مبنية على تقديم المعلومات والخدمات الإعلامية للجمهور، إذ تعمل وسائل الإعلام على تزويدهم بالمعلومات بأشكالها المختلفة من أخبار وتقارير وتحليلات وغيرها، وتكتسبها منهم لإعادة صياغتها وبثها من جديد.
كما أن المؤسسات السياسية أو الحكومية، تتفاعل مع الجمهور من خلال تقديم المعلومات التي تبقيهم على اطلاع بالاحداث العامة، والطريق الذي تسلكه تلك المؤسسات في عملية بناء الدولة، فتعمل على توفير المعلومات للجمهوربأشكالها المختلفة؛ من إنجازات وتحليلات وخطط وبرامج، وتأخذها منهم بعملية تفاعلية ، مثل استطلاعات للرأي العام لتتمكن من بناء خططها المستقبلية، من خلال التغذية الراجعة من الجمهور.
وبناء على ما سبق، فإن الباحث في ماهيّة هذه العلاقة، والساعي لكشف الفجوة بين المؤسستين، يجد أن الباحثين قد وضعوا نماذج عامة تجسد العلاقة بين رجال الإعلام والسياسة:
النموذج_الأول : نموذج العداء، وهو النموذج الذي يقتات على تصيد الأخطاء والزلات بين الطرفين، لتشويه صورة الطرف الآخر أمام الجمهور والرأي العام، وفرض السيطرة العامة من خلال توجيه الاتهامات.
النموذج_الثاني : وهو النموذج المبني على المنفعة، إذ تقوم العلاقة بين الطرفين على تبادل المنفعة، فتقدم المؤسسات الإعلامية مساحات واسعة من فضاءاتها لرجال السياسة للحديث عن الإنجازات والخطط وإيصال الرسائل الإعلامية سواء في الفضائيات أو الإذاعات أو الصحف أو المواقع الإلكترونية، على ان يتم نزويدهم بالمعلمومات والأخبار والخطط والبرامج الحكومية المنوي إعلانها لإثراء فضائها الإعلامي وبثها للجمهور.
النموذج_الثالث: نموذج التعاون والتكامل، وهو النموذج الذي نريد، فالقصد من وجود هذه المؤسسات، هو العمل بجد وتعاون للنهوض بالمجتمعات وبنائه وفق أعلى المواصفات العالمية، تحقيقا لمفهوم دولة المؤسسات، من خلال تعزيز أواصر التعاون بين مختلف مؤسسات الدولة لتحقيق الهدف المنشود بعيدا عن الأهداف الفرعية الخاصة، إذ يعتمد هذا النموذج على التعاون المتبادل بين المؤسسات الحكومية والمؤسسات الإعلامية من خلال تسهيل مهامها وتزيدها بالاخبار تحقيقا لحقها في الحصول على المعلومة، على أن تقدم تلك المؤسسات الإعلامية كافة إمكانياتها للمؤسسات الحكومية في إيصال رسائلها للجمهور.
أتمنى من المؤسستين النظر بعين التكامل للنهوض بالمجتمع وتحقيق الغاية المنشودة من تأسيسهما، والعمل على سد الفجوة الإعلامية لتحقيق ما نصبوا إليه من رفعة لهذا الوطن
اترك تعليقاً