+
أأ
-

قوائم الشرف والعار بين تونس و«المنار»… درع القسام لـ «كنتاكي» وبوسة للريّس!

{title}
بلكي الإخباري



لينا أبو بكر

إن أردت أن تعرف لماذا يعاقبون تونس ولبنان، عليك أن تفتح الصندوق الأسود لـ «ديسكفري تي في»، و «جي آر تي في»، وقناة «المنار» و«روسيا اليوم» تحديدا برنامجها «رحلة في الذاكرة»، الذي استضافت طبيب الكرملين «يفغيني تشازوف» ليروى قصة عزل المخابرات الروسية له في جناح علوي مستقل في أفخم فنادق النيل، ضمانا لسرية الوضع الصحي للرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وهو ما اخترقه السادات حين دعا تشازوف لمباراة تسطيل، بشرب الفودكا دفعة واحدة، كمحاولة مغفلة لتحدي هذا الروسي في كأسه الوطني، واستدراجه، وقد فطن له «يفغيني»، حيث أخبره أن ناصر قد يعيش لعشرين سنة أخرى، كأنه من حيث لا يدري مهد لنبأ وفاة الشهيد، بعد يوم واحد من مغادرته مصر، فأي بشرى تفتك بصاحب الفضل، بعد أن تحولت لشبهة خبرية أدت إلى جريمة قتل!
في المرة الثانية تم تهريب تشازوف وفريقه الطبي من بوابة سرية تجنبا لغضب الجماهير الجزائرية المحتشدة للاطمئنان على الشهيد هواري بومدين، الذي تعرض لارتباك صحي غير معادلة الدم، إثر إصابته بفيروس غير معروف المنشأ، ولا يمكن علاجه مما أودى بحياته بالطريقة ذاتها، التي رحل بها رفيقه الشهيد عرفات، فهل يدلك الفيروس على الخيانة أم على البطولة؟!
رمت القوات الجوية الأمريكية جثة أسامة بن لادن في البحر، بعد مسرحية إعلامية لعملية اقتحام هوليوودية، أوقعت في خدعها البصرية فزاعة الإرهاب الأخطر في العالم، بعد أن سددت فاتورة مكافأة استحقها أحد الوشاة، تماما كما حدث مع صدام حسين، الذي انتشلته القوات الأمريكية من حفرة في قاع التراب لتنحره بمشنقة طائفية على مرأى العالم، والمسلمون يريقون دم قطعانهم الذبيحة ودموعهم المفقوءة تفجعا على الأضحية، فهل كانوا مجرد زعماء متهورين، أم مخدوعين أم أبطالا في مسرح للدمى لا أكثر؟!

اسرائيليات «بينوكيو»

كان الصدق هو العلامة التجارية الإعلامية الأبرز، التي توشم الرؤية الإسرائيلية للمقاومة اللبنانية، غير أن فخ الحرب السورية شكل طوق النجاة لاسرائيل التي نجحت بتبديل علامتها التجارية بعد أن انقلب السحر على الساحر، وتحول الحذر من الصدق إلى خطر على الأكذوبة الإعلامية لاسرائيل، مما زاد من شعبية واحترام الشيخ نصر الله بين أعدائه قبل أصدقائه فضعضع ثقة الإسرائيليين بأكاذيبهم وهزمهم أمام أنفسهم وأمام العالم، فإن عدت لكل الإسرائيليات الألكترونية الآن لراعك ما ستراه من مقشات ومكانس عنكبوتية تمارس ثقافة المحو وتستبدل أدوات المعركة الإعلامية من النفخ والتضخيم إلى الشفط والتحجيم، ليتحول الصادق حسن إلى «بينوكيو»، الشخصية الكرتونية، التي تتراكم أكاذيبها فوق أنفها المتفرع في اليمن والشام وقوات «الحشد الشعبي» في العراق للأسف، مع ختم اللعنة المتمثل بقرار عربي يدينه بالإرهاب، فهل خسر الحزب أشقاءه أم كسب أعداءه؟
الشيخ حسن نصر الله تحدى الإعلام في خطابه الأخير، حين أشاد بالمظاهرات المتواضعة المؤيدة له ضد القرار، مقارنة بالمظاهرات المليونية قبل الحرب السورية، بل اعتبرها الأهم والأجمل، لأنها تؤكد أن الخير في الأمة ليوم الدين، ما دامت هذه الجموع نجت من الجرائم الإعلامية التي تشوه الذاكرة وتصهر الوعي الجمعي، وهو يلوح بقائمة الشرف التونسية، محذرا من قوائم عار تليق بالمتآمرين على المقاومة، فهل هناك مؤامرة؟
لو عدت إلى أحد اللقاءات الذي أجري مع المفكر اليهودي الأمريكي نعوم تشومسكي بعد «أحداث سبتمبر» لأشفقت على شجاعته، حين لم يتجرأ على الإعتراف بنظرية المؤامرة، لأنها تضييع للوقت وإهدار لطاقة البحث والتحليل، علما بأن نبوءته عن الجريمة الطائفية كانت دليلا دامغا على تناقضه حين قال: «ستقع حروب أهلية في البلاد الإسلامية كافة بين الحركات الرجعية والليبرالية التحررية، ورغم اقتضاء التدخل الأمريكي، إلا أنه يجب أن يتمثل بوقف مساعدة الجهاديين ومنع ضخ الأسلحة لهم «فهل ستسأل من منح تونس صك العقاب بالإرهاب بعد أن أشهرت فيتو المقاومة ضد القرار العربي، الذي طرد لبنان من رحمة الحقول البنكية؟ ثم هل أنت مضطر لتسديد فاتورة عروبتك من جوعك؟ أم أن موقفك الوطني يحدد سعرك في سوق النخاسة العربية؟
هل أنت تتاجر بالدم السوري واليمني من أجل دمك الفلسطيني، أم أنك من دعاة التطبيع ونبذ العنف؟ هل تخدعك الدغدغات الصاروخية والفرقعات الشعاراتية؟ أم أنك زبون «مقرش» في حارة البرنيطات والبابيونات الإفرنجية؟ هما خياران لا ثالث لهما، فإن تجرأت على عدم الإنحياز لأي منهما، تعتبر منبوذا في هذا الاصطبل الإعلامي المسعور، فما أنت فاعل؟ هل تصرخ بهم: (فخار يطبش بعضه)، أم تخرج من ميمعتهم سالما من أي ضرر بالعزلة وقابضا على حريتك بأراجيح الجحيم!

تلاعب «ميديوي»

انتبه عزيزي المشاهد لا تصدق ما أكتبه لك، لأنه منقول، فبرنامج «باسم الله والدين»، الذي بثته قناة «ديسكفري» اعتبر الفلسطينيين أول إرهابيين اختطفوا الطائرات في العالم قبل أسامة بن لادن، وهو يعود بجذور الإرهاب إلى قصة «هيكل سليمان» و«الإسراء والمعراج»، متجاهلا أن احتلال فلسطين جاء بالقرعة السياسية، التي خيرت الصهاينة بينها وبين الأرجنتين، فاليقين الوحيد المسموح به في هذا البرنامج هو الأصل العقائدي للإرهاب، حتى وإن اضطر الإعلام لتزييف الحقائق، فلن يكلفه هذا أكثر من اعتذار، كما حصل مع «بي بي سي»، التي بثت صورا ادعت أنها لمناهضين لأحمدي نجاد، لتكشف مؤامرتها الإعلامية الأعلام الهندية التي رفعها المتظاهرون، وكذلك الأمر مع «سي أن أن»، التي بثت صورا للقوات الروسية تعتدي على مواقع نفوذ أمريكية، ليكذب المصور نفسه فبركتها الخبرية، كما عرضت قناة «جي آر» في برنامجها «تلاعب الميديا يجر العالم إلى الحرب»، مقدمة شواهد أخرى لفتاة كويتية تخاطب الإعلام العالمي وهي تبكي وتسرد شهادتها الحية عن انتهاكات الجيش العراقي في الكويت، ليتبين أنها لم تكن سوى ابنة السفير الكويتي في أمريكا، واستعان البرنامج بما كتبه هنري سمبسون سكرتير الحرب ( 1911-1913 ) والمتحدث باسم الشؤون الخارجية في مذكراته أن معركة «بيرل هاربر» كانت موجهة من قبل الأمريكان، الذين جروا اليابان للحرب لم يتفاجأوا كما ادعوا، بعد أن حصلوا على معلومات عن خطة الهجوم الياباني، فاستثمروها للقذف النووي المدمر، وهو ما حدث مع أمريكا نفسها عندما اتصل تشرشل برئيس الغرفة التجارية ليلزم السفينة الأمريكية بالمرور في مياهه لجرها إلى الحرب من خلال خديعة زمنية تقنع متطلبات الترويج الإعلامي!
يختتم البرنامج بأن «الميديا الورقية» والتلفزيونية تكاد تنقرض في ظل تفشي «الميديا الالكترونية» التي تتيح خيارات أكثر في الوقت ذاته، الذي تخضع فيه لصناعها الذين يسخرونها لخدمة أغراضهم عن طريق «سوفت وير» خاص يروج وينشر أخبارا مفبركة تصب في مصلحة مؤامراتهم وتضم لجانا متخصصة بـ»الفوتج» تتحكم بالحدث وتحول خرافاتهم إلى وقائع يسيطرون بها على الأحداث ويعاقبون الأمم والمواقف والأوطان على «طريقة كسنجر»، التي دخل بها المراهق جورج بوش إلى مغارة «علي بابا» في بغداد والحبل على الجرار، ومفادها: «النصر على المتمردين هو استيراتيجية الخروج المثلى من مأزق التمرد»!

بنات آوى لا تأكل «الكنتاكي»

استثناء المتطرفين الإسرائيليين، الذين يلتهمون الأراضي ويحرقون السكان الفلسطينيين بحجة الحق الديني، والحرب باسم الله، هو الإرهاب الحقيقي المتواطئ مع «البروباغندا» الصهيونية، وعلى رأسه إعلام عكاشة و«بنات آوى»، فعمرو أديب الذي كسفه السيسي أيما كسوف عندما اتصل به على الهواء ليبين له جهله بالمشاريع الإنمائية في سيناء حتى كاد ينخ من غيظ وليس من خجل متذللا: حقك علي يا ريس وخد بوسة، بعدما بشر بنسخة مصرية لبن قردان التونسية في سيناء المهملة الفقيرة، التي تؤوي الخلايا الإرهابية النائمة والحمساويين، الذين يتاجرون في غزة بالبضائع الإسرائيلية والمصرية ويهربون «الكنتاكي» عبر الأنفاق مخمسا «من غير نفس»: عايزين تاكلو كنتاكي ومالو؟
كذب المتحدث باسم حركة حماس على «الجزيرة» الأخبار والصورة، التي نشرها الإعلام المصري، متهما المقاومة بقتل النائب بركات، فإن كنت تصدق الأكاذيب ولا تصدق التكذيب فأنت في خطر أيها المشاهد، لأن «الكنتاكي» ليس جريمة يعاقب عليها القانون، ولا يمكن أن يكون دليلا على جريمة إرهابية، بل على العكس تماما، لقد تم تتويج «الكنتاكي» في حفل صاروخي مهيب في نفق النمور السوداء، منح «الكنتاكي» فيه درع القسام، لينأى بالمقاومة عن حفلات الإحتراق الذاتي في إعلام الضباع والخنافس، الذين يدخلون إلى الشاشة بعد أن يجيبوا على سؤال يسري فودة:
- هل تعرفون رأفت الهجان؟
- نعم، إنه المصري الذي دخل اسرائيل ووقعت في حبه إيمان الطوخي!

كاتبة فلسطينية تقيم في لندن
القدس العربي