أمجد الحباشنة يكتب :- انهيار الطبقة الوسطى في محافظة الكرك

تمثل الطبقة الوسطى ضمن تقسيمات المجتمعات البشرية اقتصاديا حالة من التوازن في ردم ومعالجة الهوة بين الطبقة الفقيرة والطبقة الغنية وتمثل ضامن لديمومة الاستقرار الاجتماعي والحفاظ على القيم .
تتشكل الطبقة الوسطى من صغار التجار والحرفيين والمحامين والمهندسين والأطباء والمزارعين ومربي المواشي والعمال المهرة ذوي الاختصاص والمثقفين.... الخ
إذا ما تناولنا محافظة الكرك كنموذج فإننا سنلمس بشكل جلي حجم انهيار هذه الطبقة بشكل تدريجي مما انعكس بشكل مباشر على اتساع مساحات الفقر والبطالة نتيجة انخفاض مستوى السيولة المالية وتسريح عدد كبير من العمال وإغلاق الكثير من المؤسسات الصغيرة وتعثرها لصالح المؤسسات الكبرى وتبدد حالة الإنتاج لصالح حالة الاستهلاك
على سبيل المثال يمكن لنا ان نلمس حجم التدهور الذي طال أبناء القطاع الزراعي الذي كان يعيل الآلاف من عائلات المحافظة وذلك بعد ارتفاع كلف الإنتاج والاحتكار والتلاعب في سياسات الاستيراد والتصدير لصالح نخبة من كبار المزارعين وعدم وجود جهات رسمية تنظم طبيعة ما ينبغي زراعته لحماية أبناء هذا القطاع إضافة لارتفاع كلف المياه والطاقة والايدي العاملة .
هذا الواقع الزراعي المتردي ذهب بكثير من المزارعين إلى خيارات بيع أراضيهم او رهنها للبنوك مما أدى إلى التحاق أبناء هذه الطبقة إلى صفوف المعطلين عن العمل بعد استنزاف مصادر دخلهم وممتلكاتهم وانحدروا بعد ذلك نحو الطبقات الفقيرة
في قطاع مربي المواشي الواقع ليس افضل حالا من حيث ارتفاع كلف الإنتاج والاعلاف وتغيرات المناخ والعبث في البذور الزراعية تحت وطأة سياسات صندوق النقد الدولي وتخلي الحكومات عن مسؤولياتها الاخلاقية تجاه الفئات المجتمعية والقطاعات المنتجة إضافة لذات سياسات احتكار الاستيراد والتصدير لفئات من نخبة التجار السوبر المرتبطين بالسلطة الذين سيطروا على هذا القطاع وقطاع مربي الدواجن أيضا
في القطاع التجاري الواقع ليس أفضل حالا أيضا حيث أدى ارتفاع أسعار الكهرباء والمياه والضريبة ودخول المؤسسات التجارية العابرة للحدود واستحواذها على السوق التجاري تحت عناوين العروض والوفرة المالية والدعاية الإعلامة المضللة إلى انهيار أصحاب المؤسسات التجارية الصغيرة بكل ما تحمل من دورة اقتصاد محلي حيث كشفت دراسة ميدانية على المحال التجارية ان اكثر من ٨٥ من التجار لا يحققون التزاماتهم الشهرية منذ أكثر من ٣ أعوام وانهم يستنزفون ما بحوزتهم من مدخرات على أمل أن يتحسن الواقع التجاري .
في قطاع الأطباء والمحامين والمكاتب الهندسية انعكست الأزمة الاقتصادية بالمجمل على حركة السوق في مجتمع سواده الاعظم مرهون للبنوك ومكبل بتكاليف مجموعة من (العدادات) عداد الكهرباء عداد الماء عداد البنزين عداد الهاتف المحمول عداد النت.... وغيرها من العدادات التي اتخذتها الحكومات المتعاقبة سبيلا لتحصيل موازناتها من جيوب المواطنين المنهكة.
أمام هذا المأتم الجماعي واستنزاف مداخيل الأفراد وسوء الإدارة الأسرية من جانب آخر أصبحنا أمام حالة من الشلل الاقتصادي نتيجة غياب التنمية والإنتاج وحضور الربيعية والاستهلاك وسقوط الطبقة الوسطى.
الحلول قد تبدو انها ليست على طاولة اي من اصحاب القرار بعد أن تحول الوطن الى مسرح تدار فيه البلاد بعقلية عمال المياومة سيما أن هذه القراءة المصغرة تعكس صورة الوطن برمته
يبقى السؤال الملح اليوم هو :
إلى متى سنبقى ندور في فلك هذا الواقع المرتبك بلا أفق سيما اننا أمام استحقاقات قادمة على المستوى الوطني والاقليمي الذي يبدو جليا بانه غير مريح للأردن؟!
أمجد حباشنة



















