ديما الفاعوري : التهدئة السياسية.. رؤية الأردن لإنقاذ المنطقة من حرب وشيكة

في خضم تصاعد التوترات والتصعيد المهدد لأمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط، يبرز الأردن كواحد من الأعمدة الثابتة التي تتصدى لتداعيات هذه الأزمة المتشابكة، ليس فقط من موقع مراقب أو قلق، بل كفاعل رئيسي يسعى لاحتواء التوتر وإعادة بناء جسور الحوار والسلام. يقود هذه المساعي جلالة الملك عبدالله الثاني، الذي باتت جهوده الدبلوماسية والوساطات التي يبادر بها محط اهتمام دولي وإقليمي، لما تتحلى به من رؤية سياسية متزنة ترفض الانزلاق نحو الصراعات، وترتكز على ضرورة التهدئة والحلول السياسية كخيار وحيد قابل للاستمرار.
لا يخفى على أحد الحساسية البالغة التي يحملها الأردن إزاء التصعيد، لا سيما مع الاستهداف المتكرر للمنشآت النووية الإيرانية، والذي يحمل في طياته مخاطر تتجاوز الإقليم وصولاً إلى زعزعة استقرار عالمي. ومن هنا، يتبلور الموقف الأردني الواضح الذي يدعو إلى إيقاف هذا التصعيد فوراً، والعودة إلى طاولة المفاوضات على أساس القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، حيث تكون سيادة الدول واحترام حقوق الشعوب حجر الأساس لأي تسوية مستدامة. هذه المبادئ تشكل عموداً فقرياً في نهج الأردن الذي ينطلق من قناعة راسخة بأن السلام الحقيقي لن يتحقق إلا بحوار شامل وشفاف، بعيداً عن منطق القوة الذي لا يُفضي إلا إلى مزيد من الألم والدمار.
لم تقتصر جهود جلالة الملك عبدالله الثاني على التصريحات السياسية، بل تجلت في لقاءات ومباحثات مكثفة مع قادة دول وشخصيات دولية، تسعى جميعها إلى خلق أجواء مناسبة تخفف من حدّة التوتر، وتفتح أبواباً لمبادرات فاعلة توصل المنطقة إلى بر الأمان. في هذا السياق، تؤكد القيادة الأردنية أن الانزلاق نحو الصراع لن يكون في مصلحة أي طرف، وأن الحلول المستدامة تتطلب التزاماً جماعياً بوقف التصعيد والعمل على إيجاد إطار سياسي يعالج القضايا الخلافية بطرق سلمية.
في الميدان الدبلوماسي، يتجلى الدور الأردني في التنسيق المستمر مع الأطراف الدولية والإقليمية، سعياً لإيجاد توازن دقيق يحمي السلم الأهلي ويعزز الاستقرار السياسي والاقتصادي، في ظل تصاعد الدعوات الدولية للتعامل مع هذه الأزمة من خلال مقاربة تحترم الشرعية الدولية وتعمل على وقف كافة أشكال العنف. ويُجسد موقف الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأردنية، سفيان القضاة، هذا الالتزام الوطني والدولي، حيث يؤكد إدانة الأردن لكل أشكال التصعيد، ويؤكد على ضرورة احترام سيادة الدول والقانون الدولي، ما يعكس عمق الالتزام الأردني بالقيم العالمية للعدالة والإنصاف.
هذه المسؤولية التي يتحملها الأردن لا تنفصل عن دوره الأوسع في دعم السلام والتنمية الإقليمية، حيث يلتزم الأردن بتعزيز العمل المشترك وتكثيف الجهود السياسية والدبلوماسية، وفتح آفاق جديدة للحوار البناء الذي يحترم تطلعات الشعوب ويصون سيادة الدول. هذه الرسالة تتكرر في جميع المحافل الدولية التي يشارك فيها الأردن، لتسليط الضوء على أهمية تفعيل القرارات الشرعية كأساس لحل النزاعات وتحقيق الاستقرار.
ويبقى الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ليس وسيطاً تقليدياً، بل شريكاً فاعلاً في صياغة مستقبل إقليمي أكثر أمناً واستقراراً. جهود المملكة تلتقي مع مصالح دولية وإقليمية تتطلع إلى بناء أرضية صلبة تستند إلى القانون والشرعية، وتبتعد عن أهواء التصعيد والمواجهات التي لا تولد سوى الدمار. وفي ظل هذه الأزمات، تبرز تجربة الأردن كنموذج يُحتذى به في التزامه الثابت بالمبادئ الدولية وقدرته على توجيه مسارات السياسة لصالح السلام، مؤكدين على ضرورة قيادة حكيمة تُطفئ نيران الصراعات وتُشعل جذوة التعاون والتفاهم في المنطقة بأسرها



















