الأردن بين نار الواجب وسهام الجحود والنكران

لِمَ كلّ هذا الهجوم والعقوق للأردن؟ ولماذا كل هذا التنكّر لتاريخه العروبي ومواقفه الشريفة؟ ما هو المطلوب منا ان نفعله هل المطلوب منّا أن ننتحر جماعيًا حتى يرضى المحرّضون وتُرفع عنّا راية الاتهام والتشكيك بمواقفنا ؟
الأردن، هذا البلد الصغير في الجغرافيا، الكبير في المواقف، لم يُقصّر يومًا مع أحد من أشقائه العرب. قاتلنا من أجل فلسطين، ودفعنا الدم والعرق، ولا زلنا على العهد. دافعنا عن سوريا في أحلك ظروفها، وعن العراق في لحظاته الحرجة، وعن الكويت عندما استُبيحت، ووقفنا مع السعودية في أزماتها، ومع لبنان في محنه، ومع الجزائر في ثورتها. ومع ليبيا منذ ثورة المختار ولم نغلق الباب يوماً في وجه لاجئ أو مظلوم، بل قاسمناهم رغيف الخبز والماء والأمن.
فما الذي جنيناه مقابل ذلك؟
أزمات مالية متلاحقة، بطالة مرتفعة بين شبابنا، شح في الموارد، بنية تحتية مثقلة، ومجتمع يئن تحت وطأة ضغط ديموغرافي لا يحتمله بلد بحجمنا وإمكاناتنا. كل هذا ونحن نتحمل وزر خيارات وقرارات شجاعة اتخذناها لنكون مع العرب لا عليهم، فهل أصبح الثمن هو النكران والجحود والشيطنة والتحريض؟
نُلام لأننا لم نُرسل طائرات، ونُلام لأننا أرسلنا مساعدات، ونُلام لأننا لا نُصرّح بما يريدون سماعه، ونُلام لأننا صريحون في مواقفنا ولسنا بوقًا لأحد. نُحاكم لأننا دولة تحرص على السيادة، وتحاول أن توازن بين الأخوة والمصلحة الوطنية.
الأردن لم يكن يومًا خائنًا، ولا متواطئًا، بل كان دومًا ذراع العروبة وسندها في الملمات. ولكن ما يبدو اليوم أن الوفاء صار تهمة، وأن الكرامة عيب!
لا نطلب من أحد أن يمدحنا، فقط أن يُنصفنا. لا نريد من أحد أن يسدد فاتورة مواقفنا، فقط أن لا يطعنا في الظهر. أما من يحرضون على الأردن صباح مساء، فليُراجعوا ضمائرهم ويسألوا أنفسهم: ماذا فعل الأردن غير أن يكون الأخ الذي يُؤثِر على نفسه؟
أما نحن، فلا ننتحر من أجل إرضاء أحد، فلا يكلف الله نفساً الاوسعها هذه قدرتنا وهذه استطاعتنا وهذا ما نستطع ان نقدمه ومن عنده غير ذلك من العرب فليتقدم ويزد على ذلك ، فلسطين قضيتنا وغزة الوجع الساكن في قلوبنا وهي على مراى العين من الجميع فمن أراد فليتقدم لن نمنع احدا ولم نغلق الأبواب ستبقى أبوابنا مفتوحة لفلسطين واهلها ولغزة ووجعها وسنبقى نقدم كل دعم ممكن ضمن إمكانيتنا اما الأردن فسيبقى الوطن الذي يستحق الحياة… وليس الشهادة فحسب.
المحامي
محمد ذياب جرادات



















