د. حنين عبيدات : (المرأة الأردنية في عمق الهوية

يستخدم مصطلح الهوية ، في التعبير عن الذات أو عن الشيء و شبيهه أو الشيء و ما يتوائم معه في الصفات و الخصائص ، و هناك أنواع للهويات : الهوية القومية أو الوطنية و الإجتماعية و الهوية الفردية (الذاتية).
الهوية الفردية أو الشخصية : هي الهوية التي تكون شخصية الفرد مما اكتسبه من خبرات و تجارب و علم و ما اكتسبه من بيئته و محيطه و ما تعلم من دينه و ثقافة مجتمعه ،حتى يكون هوية خاصة به يظهر بها على المجتمع، وجزء من هذه الهوية يكون رابطا مع الدولة التي يعيش بها الفرد كوثيقة رسمية تعريفية به و تدعى (الهوية القانونية) .
أما الهوية الوطنية أو القومية، تمثل شخصية الأمم و التي تتشكل من سمات مشتركة ،في الدين و اللغة، و العادات و التقاليد، و التاريخ و الجغرافيا و الثقافة و موروثها و العرق و الوطنية و تاريخها و الهيكل السياسي و قوانين الأخلاق، فتتشكل في شعور الإنسان و وجدانه لأنها تنشأ معه ، و تمثل قوة ترابط جماعي ينتج عنه انتماء جماعي للأمة أو الوطن.
** الهوية الاجتماعية، مجموعة من سلوكيات واتجاهات و ثقافات الجماعات في المجتمع و قياس مدى تأثيرها على المجتمع في كل المجالات المتاحة أو اتجاهات و سلوكيات و ثقافات الفرد داخل هذه الجماعات، أو مدى ترابط الجماعات مع الجماعات الأخرى لبناء حالة تضامن مشتركة .
تعدد مفهوم الهوية عند الفلاسفة،
***أفلاطون:
يرى أن هوية الكائن هي ما يبقى ثابتاً ومتطابقاً مع نفسه رغم كل التغيرات التي تطرأ عليه، وهي ما يميزه عن غيره.
* ماركس:
يرى أن الهوية تتأثر بشكل كبير بالظروف المحلية المحيطة بالفرد، ويمكن للهوية أن تؤثر بدورها على هذه الظروف.
و قد تعددت آراء الفلاسفة القدماء و المعاصرين بمفهوم الهوية و كل حسب ما يقدر و يحلل و يبحث و يعيش و يكتسب.
في عالمنا العربي، يتردد تاريخيا مصطلح (قومية عربية) إذ كانت عبارة عن مشروع عربي شعبي و الآن أصبحت شعورا و وجدانا إنسانيا ، ترتكز على الصفات المشتركة في الأمة العربية في، الدين، اللغة، القيم و العادات و التقاليد، و التاريخ و الجغرافيا و مصالح سياسية و اقتصادية، و تهدف إلى قيام دولة عربية موحدة تحتضن كافة العرب من المحيط إلى الخليج ، و لكن تاريخيا إلى الآن و رغم المحاولات المتكررة من قبل الحركات السياسية و الجماعات و الأفراد بأن تكون الهوية القومية العربية (وحدة واحدة) ككيان موحد سياسيا و مجتمعيا و اقتصاديا في دولة واحدة بعيدا عن أي نوع من الحدود إلا أنه لم يحدث و تحديدا بعد اتفاقية (سايكس - بيكو) ، ولكن يجب أن نظهر القاسم المشترك الذي يربطنا كعرب و هَو (الهوية العربية) و هي التي تعتمد على الصفات المشتركة في الأمة العربية مجتمعيا و تاريخيا و ثقافيا و قبليا و إقليميا و تؤكد دائما على وجود تعاونات عربية رسمية و شعبية في القضايا السياسية و الإقتصادية العربية ، و هذه التعاونات هي الأساس في حل النزاعات و السعي للمساعدات الشعبية و إيقاف الحروب و إعادة إعمار الدول العربية التي تدمرت في الحروب و الدعم الاقتصادي و السياسي و الإنساني و المجتمعي في مواقف عديدة، بالإضافة إلى الدور الشعبي العربي في كل القضايا العربية، و تسعى الدول العربية على تعزير هذه الهوية في التنمية الشاملة في المجتمعات كي تبقى هذه المجتمعات متماسكة و رصينة في مواجهة التحديات السياسية التي تطرأ على المنطقة.
و مع ذلك لكل قطر عربي هوية وطنية خاصة ذات طابع معين، حسب السياسة العامة المتبعة و الهيكل السياسي و نظام الحكم ، و المجتمعات التي تعيش فيه و ما تحمل من اتجاهات سياسية و دينية و ثقافية ، و بناء على التشكيل التاريخي و الجغرافي و الظروف التي مرت و ما أحدثته من تغيير و تأثير .
و المجتمع عبارة عن امرأة و رجل ، بفئات عمرية مختلفة وبثقافات متباينة ، و قد استطاع المجتمع أن يكون جزءا أساسيًا في تكوين الهوية الوطنية و حمايتها.
والأردن مثلا ،له هوية وطنية تاريخية واضحة التعريف في السياسة و التاريخ و الثقافة و الجغرافيا ، بنيت هذه الهوية بقيادة حكيمة و ببندقية العسكري ،وثقافة الكاتب و الشاعر ، و دبلوماسية السياسي، و بالإنتماء الخالص من الشعب للأرض و العروبة، و بأجيال منتمية للأرض و المكان و الوجدان صنعتها المرأة و الأم كي تكون جيشا يحمي ، و صقلها الرجل و الأب كي تواجه التحدي ، فتشكلت الهوية الوطنية الأردنية بأوتاد قوية راسخة لم تهتز يوما.
و المرأة الأردنية كانت وما زالت عنصرا هاما في حماية الهوية الوطنية ، و أساسيا في بناء المجتمعات و ثقافاتها، و من عندها يبدأ التكوين، فهي من تجعل من الأجيال صالحة و بناءة ، و هي التي تعلمها الإنتماء للوطن و تغرس فيها الولاء ، و كيفية تناقل هذه الثقافة من جيل إلى آخر ، و هي التي تربي الأجيال على العلم و الصلاح و العادات و التقاليد المجتمعية و القيم العربية و اللغة، إذ تعتبر معلمة اللغة الأولى لدى الأجيال، و حلقة وصل بين تعليم التاريخ و ربطه بالحاضر و التجهيز للمستقبل برؤى جامحة نحو البناء ، بالإضافة إلى دورها في تعليم و تثقيف نفسها ، إذ أصبحت المعلمة و المتعلمة و التي تساهم بثقافتها وعلمها في صناعة متغيرات إيجابية في مجتمعها.
و بعد الثورة التكنولوجية و الصناعية و محاولات تشويه المجتمعات إلا أن المرأة الأردنية استطاعت خلق توازن بين التطور الإيجابي و المعاصرة و بين الحفاظ على الهوية الوطنية و التراث و أساسيات الهوية التي بني على أساسها الأردن ، إذ أصبحت المعلمة و المبتكرة و المطورة في المجتمعات حسب ظروف العصر، و ساهمت و مازالت تساهم في الحفاظ على المجتمع و هويته الوطنية و تاريخه و ثقافته ، فهي أساس في تشكيل النسيج الوطني المترابط و وتد داعم للوحدة الوطنية وجزء رئيسي مقوي للجبهة الداخلية الأردنية.
المرأة الأردنية قادرة على مواجهة التحديات التي قد تواجه الهوية الوطنية ، و ذلك من خلال المشاركة السياسية و المجتمعية و الإقتصادية ، و وصولها إلى مراكز صنع القرار حتى تكون شريكة في صناعة القرار و صنع السياسات العامة، و بناء و تعزيز التنمية الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية و الثقافية بكل الأدوات المتاحة و الإمكانيات المتوافرة.
المرأة الأردنية منذ القدم و هي صانعة المستقبل بإيجابية حسب الظروف العالمية و الإقليمية و الداخلية المتغيرة ، و تعتبر الركيزة المجتمعية و السند الدائم للرجل و الوطن و المجتمعات



















