+
أأ
-

نيفين عبدالهادي تكتب: مغادرة مساحات الإدانة

{title}
بلكي الإخباري

سؤال ملكي حاسم وحازم وضعه على طاولة الأمم المتحدة أمام قادة العالم، عندما قال جلالة الملك عبدالله الثاني (إلى متى سنكتفي بإصدار الإدانة تلو الأخرى دون أن يتبعها قرار ملموس؟) وذلك في خطاب جلالته في الجلسة الافتتاحية لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثمانين التي عقدت في نيويورك، الشهر الماضي، سؤال حرّك ساكن العالم ليغادر مكان الإدانات والاستنكار والبيانات، لمكان العمل وأخذ القرارات الملموسة، سؤال بحجم معاناة الشعب الفلسطيني ووجع الأهل في غزة، سؤال وضع العالم أمام مسؤولياته الحقيقية تجاه الأهل في غزة، موجها بوصلة العالم لجهة العمل بعيدا عن مساحات القول، فقط القول.

تغيّرت ردود الفعل الدولية وأولها الولايات المتحدة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية، وتجاه الحرب المدمّرة على الأهل في غزة، وبات الحديث عن حلول عملية، علاوة على إعلان الرئيس الأمريكي عن مقترح لإنهاء الحرب على غزة وإطلاق سراح جميع الرهائن، أحياء وأمواتا، والبدء الفوري بالمفاوضات للاتفاق على آليات التنفيذ، وبات واقع الحال مختلفا ويأخذ شكل العمل والتنفيذ بعيدا عن مساحات الكلام التي لم تقدّم أي إيجابية للقضية الفلسطينية، وأبقتها في ذات المكان منذ عشرات السنين، وزاد من أزماتها، ليصبح اليوم باب الأمل أكثر اتساعا، وتوفير حياة مختلفة للأشقاء الفلسطينيين لجهة الإيجابية، والعيش بسلام ونيل حقوقهم المشروعة.

باتت الصورة مختلفة اليوم وبعد مقترح الرئيس الأمريكي، وما تبعه من رد إيجابي لحركة حماس في سعي جاد لإنهاء الحرب على قطاع غزة، شقّ نور السلام ظلمة المشهد في غزة وحتى في المنطقة والعالم، فلم يعد الاستمرار في حرب الإبادة على غزة سهل المرور عليه أو تغاضيه، أو حتى الاعتياد عليه، فحجم بشاعة وكوارث ما يحدث لم يعد سهلا تجاوزه، ليأتي المقترح الأمريكي والسعي الأردني والعربي لإنهاء الحرب، أمرا حقيقة يعيد نبض الحياة للسلام، وللأمل بقادم أفضل وإن لم يكن بمثالية كاملة لكنه يحقق ما بات الغزيون تحديدا يأملون به، بأن تمضي أيامهم دون قذائف ودون صواريخ.

الأردن من أوائل الدول التي رحّبت بالردّ الإيجابي لحركة حماس على مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب على قطاع غزة، واعتبرته خطوة هامة نحو إنهاء الحرب وما تسببه من تبعات كارثية، كما رحّب بتصريحات الرئيس ترامب الداعية لوقف فوري لإطلاق النار، لإتاحة إنجاز صفقة تبادل ضمن الصيغة الواردة في مقترح الرئيس الأميركي والتي وافقت عليها حماس، وبما ينهي نزيف الدم الفلسطيني في غزة.

كما رحّب الأردن أمس وسبع دول أخرى، بالخطوات التي اتخذتها حركة حماس حيال مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترمب، لإنهاء الحرب على غزة وإطلاق سراح جميع الرهائن، أحياء وأمواتا، والبدء الفوري بالمفاوضات للاتفاق على آليات التنفيذ، ذلك أن ما يحدث سيعمل على إنهاء الحرب على غزة فورا، والتوصل إلى اتفاق شامل يضمن إيصال جميع المساعدات الإنسانية إلى غزة دون قيود، وعدم تهجير الشعب الفلسطيني، وإطلاق سراح الرهائن وعودة السلطة الفلسطينية إلى غزة، وتوحيد الضفة الغربية وقطاع غزة، والوصول لآلية أمنية تضمن أمن جميع الأطراف، بما يؤدي إلى الانسحاب الإسرائيلي الكامل وإعادة إعمار غزة، وبطبيعة الحال كل هذه الخطوات العملية تفتح الطريق أمام تحقيق السلام العادل على أساس حل الدولتين.

قرع الأردن الجرس مئات المرات، ووضع حسما واضحا بأن تتجاوز ردود الفعل الإدانة، لنرى اليوم واقعا مختلفا متجسدا بمواقف عملية حرّكت ساكن جمود ردة الفعل تجاه قضية طال زمنها ووجع أهلها، وحرب دمّرت شعبا وأرضا وقلوبا، أيام تاريخية لا يمكن إسقاط دور كل من ساهم في نقل الأحداث من صمت الفعل، إلى حراك إيجابي فتح بابا واسعا للسلام العادل، ومغادرة مساحات الحرب